السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

وفق اللاهوتية والمثالية والمادية

من الذي يصنع الآخر.. التاريخ أم الإنسان؟ وهل يصح القول إن الإنسان فضلاً عن كونه من يكتب التاريخ هو من يصنعه، أم أن التاريخ هو اللبنة التي أنشأ عليها الإنسان مملكاته، وبنى عليها تراثه وحضاراته عبر تجاربه وخبراته، التي كونها بأفعاله وموروثه الفكري والاجتماعي والديني والسياسي، ومنها انبثقت مفاهيم التاريخ اللاهوتية والمثالية ومن ثم المادية؟.. حين يكون المعتقد المرجع للتاريخ وأحداثه، يتصادم العقل مع أجزاء منه يعدها لا تتوافق مع المنطق والدليل، بينما تشكل النصوص لاهوتياً أرشيفاً للأحداث التي امتزج العديد منها بالأساطير، وتضاربت أخبارها حسب الدين الذي سردها، والداعي بدوره للأخذ بها دون انتقائية كمسلمات غير قابلة للتشكيك مع الإيمان والتسليم، ويدخل معها بنفس إطار الماورائيات غير المادية الحسية، المُتحكم بها من قبل الإله وكلٌ حسب معتقده بما فيها الكائنات الغيبية الخارقة المتحكمة بتسيير عجلة الكون وما يجري به، وهو ما قوبل من قبل اللادينيين بالتشكيك، فبنظرهم الإنسان من يصنع التاريخ لا الأخير المُسير.

قدّرت التوراة عمر الكون بـ5000 عام، بناء على نصوص وردت بأسفارها، وحوالي 7500 سنة حسب الإنجيل، فيما لم يحدد الإسلام زمناً لعمر الأرض، أما العلم الحديث فيراه قياساً على عمر النجوم والانفجار العظيم المقدر بما بين 10 و20 مليار سنة، وأن الأرض وجدت قبل 4 مليارات عام، وعاش عليها الإنسان الحديث قبل 40 ألف عام.

وهذه جميعها أرقام بحثية لا يمكن الجزم بها، لكن العبرة من ذكرها تبيان التناقض بين الفهم التاريخي المبني على العلم والمادية واللاهوت.


تقوم المثالية التاريخية على أساس أن الإنسان مخير لا مسير لاختيار الخير أو الشر مستخدماً العقل، وهو الذي بناءً على ما يحمله واستخدامه تنتج أمم متقدمة صنعها رجال عظماء بأفكار عظيمة، ومن ثمّ بالأفعال بنت مجدها، وأخرى بدائية لم تستفد من منظومة العقل ولم تمتلك أفكاراً ترجمت لأفعال.


المعضلة التي يقوم عليها مفهوم المثالية هي إرجاعها الإنجاز للفكر المُشكل للتاريخ، ولكن دون معرفة مصدره ومن أين جاءت الأفكار من الأساس.

وتُرجع المادية التاريخية مفهومها لجميع أفعال الإنسان وأفكاره إلى البيئة المادية التي وُجد فيها، وهي التي لا يمكن إنكار منطقها من منطلقات إنجازات الدول المتقدمة، التي وفرت لشعوبها مقومات التطور والإبداع، فتقدمت بها بخلاف الدول المفتقرة لذلك.