الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

فيروساتنا المزدوجة

تبدو الحياة اليوم مربكة أكثر من أي وقت مضى، ولم يربكها إلا الإنسان وحده، ليجعلها بهذا الصخب، بطوارئها المتواترة المرعبة في كل ثانية، بالتحديات الجمة التي نواجهها في أتون تلك المتغيرات الموغلة في راديكاليتها المتوحشة، ويبقى هو المعطى الوحيد الذي يدور في إحداثياتها.

كيف يصمد للحفاظ على كينونته من الانصهار بين ما هو طارئ وبين ثوابته وأصالته، لكي يبقى ذلك الكائن الذي يشبه نفسه؟

فالقرن الـ21 هو عصر الأوبئة الفيروسية والأمراض النفسية بامتياز، والمفارقة أن المصابين بالفصام الشخصي أو «الازدواجية»، أو التباين السلوكي «التناقضية»، هم بشر نتعايش معهم يومياً ونصطدم بهم بشكل وبآخر، لا تفصلنا عنهم دور رعاية صحية ولا حجر صحي.


فقد أثبتت الإحصاءات أن 80% من الناس يحملون أمراضاً نفسية خطيرة، أوغير أسوياء سلوكياً وفكرياً، خاصة في المجتمعات غير المستقرة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، ولكن المؤسف أيضاً أن المجتمعات الحضارية المرفهة التي يعيش أفرادها في بحبوحة من العيش، والتي تشهد انفتاحاً سياسياً واقتصادياً وثقافياً مطرداً، أن نسبة المصابين فيها بالازدواجية والتناقضية في ازدياد.. نصطدم بهم كل يوم وكأنهم حالات طبيعية علينا التكيُّف معها وتقبلها!


إنه من المؤسف أن تجد المعلم غير ملتزم بالأمانة المهنية والأخلاقية في شرحه لمادته ليجبرهم على دروسه الخصوصية، والمثقف ينادي بالحريات وكرامة وحقوق المرأة وهو يعامل زوجته أو شقيقته أو زميلته بدونية، والإمام يتصدر المنابر بخطبه العصماء في الإرشاد والتقويم، وهو لا يأتي بربع ما ينادي به في تعاملاته الحياتية الخاصة، والصاحب يبدي لصاحبه المودة جهاراً ويقضم في سيرته سراً!.. فهل نحن مصابون بفيروس الازدواجية؟