السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

ثلاثيَّة يعقوب

يقع الكاتب أحياناً أسيراً لأبطال روايته، فيصعب عليه مغادرة عوالمهم لنسج رواية جديدة مع أبطال جدد، وكذا وقعت في أسر البطلِ الذي ساقَ بإنسانيته وقعَ أناملي في مقالي الأسبوع الماضي، "السير يعقوب أمل القلوب"، حين انغمس قلمي في محبرته لأرسم لوحتي هذا الأسبوع، وجدتني من جديد منساقاً للبطل ذاته، وقد سكنتني تفاصيلِ حكايته، "أسطورة الطبّ في العالمِ" كما أطلقت عليه جمعية الطب الأمريكية، فوجدتني اليوم على موعد مع ثلاثية ملك القلوب: مجدي يعقوب.

استوقفني هذا العالِم الجليل الذي يفيض علما ومعرفة وتواضعاً ووقاراً وعطاءً أينما حل، يبوح بمكنون العقل وخلاصة الفكر وعصارة التجارب للصغير قبل الكبير، بل وتجده يجنّد القامات ويلهم الشباب ويرصد ما أمكن من إمكانيات ليخطط لتميّز مستدام، ورسمِ قلبٍ هادئ منتظم، وخيرية لا تنقطع، استوقفني لدقائق معدودة في إحدى اللقاءات التليفوزيونية ليشنّف مسامعنا بفصلٍ جديدٍ من فصول روايته، وتركةٍ لا تُضاهى بثمن من أُعطياته، إنها ثلاثيّة النجاح المستدام: (القيم) و(العلم) و(الخدمة)، فتقف في حيرةٍ أمام رجلٍ من طراز سماوي، هل نحن في حضرة عراب القلوب؟! أم إصدارٍ إنسانيّ استثنائي؟! أم صاحب بصمةٍ ارتقت بامبراطورية لا تغرب عنها الشمس لتغدو في مقدمة الدول في مجال جراحة القلب، ويحكي أين كانت بريطانيا قبل يعقوب وأين أضحت في ريادة طب القلوب بعد يعقوب.

هذه الثلاثية التي نسجها لنا العالم الوقور في حديثه، وهي (القيم) و(العلم) و(الخدمة)، جديرة بأن تصبح نموذجا عالميا في خدمة الإنسان، له مفاهيم ومعايير ومنطق قياس للتطبيق نحو ترسيخ الاستدامة؛ ونستبدل "كان" بـ: "لازال"، ونشيّد نموذجاً يعقوبياً في التميّز الإنسانيّ المستدام، فالقيم هي الوعاء، وسلاح العلم هو البناء، والخدمة المتميزة هي السبيل إلى تعزيز إعمار الأرض الذي أساسه الإنسان.


وهكذا هم العظماء، الصدق ديدنهم، والسلام يسكنهم، فتسكن إليهم، متصالحون مع ذواتهم، يُتبعون القول بالعمل، والوعود بإحقاقها، فكيف لا يقع قلمي في غرامه من جديد، كلما سنحت الفرصة لنكون قريبين من هذا الناسك، تتكشّف لنا كنوز لا متناهية من العطاء، وآفاق جديدة للعلم، ومعاني غيرَ مسبوقة للتفاني، ومفهوم للإنسانية الحقة التي أحياها يعقوب في زمن الهروب والغرور والقشور.


ثلاثية يعقوب نبراسٌ تهتدي به كل صباحٍ وأنتَ على موعدٍ لتمكين إنسان، ووضع لبنة بناء بهدوءٍ ووقار، وإيمان واقتدار.