الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

حجر.. وملتقى تعارف

اكتشف الأب أخيراً، الجهد الذي تبذله الأم في تدريس الأبناء، أو على الأقل، متابعة انضباطهم وأدائهم في الدراسة، بل شارك بنفسه في هذه المهمة، ومن خلال ذلك اقترب أكثر منهم، تعرّف إلى تفاصيل صغيرة لم يكن يعرفها عنهم، الإخوة فيما بينهم أيضاً، وجدوا أنفسهم أمام مواقف لم يكن لها أن تحدث لولا فترة الحجر.

ولأن حياة الأسرة تتأثر سلباً وإيجاباً بالعلاقة بين قطبَي الحراك وهما الزوجان، فهي فرصة لهما، فمنهم من استثمر الظرف وحرص على التّعرُّف إلى الإيجابي والسلبي في الطرف الآخر، بهدف تسهيل عملية التطبيع معه، والوصول وإياه إلى نقاط الالتقاء، والتغلب على المختلف حوله بينهما، وهناك من لم يبذل أيَّ جهد في استغلال الفرصة، بل تذمر واستاء، فعبَّر عن استيائه، لترتفع الحرارة وتتنافر الأقطاب، وتكثر الخلافات والمشكلات، وهم ما أظن أنهم الفئة الأقل، ومرجع هذه الإحصائية الافتراضية التقريبية، هو إحساسي بأن كورونا وما نتج عنه من فرض الحجر، حفاظاً على السلامة العامة، إنما زاد في حالات التأمل وحديث النفس، فارتفعت به الشفافية والحكمة والتَّحكُّم في ردود الأفعال، فلا تصدر إلّا بعد تَعَقُّل.

الغريب أن الكثيرين لاحظوا قلة عدد المرات التي يرن بها هاتفهم، وذلك رغم وجود الجميع في بيوتهم، هل هم منشغلون بأفراد أسرهم الذين اقتربوا وإياهم أكثر من ذي قبل، فزاد بينهم التفاعل والتحاور والتشاور والنقاش، ما عوضهم، فلم يعودوا بحاجة للتهاتف مع غيرهم؟


إنه زمن كورونا وغرائبه، حيث توطدت العلاقات بين أفراد البيت، ولعلَّه من أفضال كورونا التي لن تغادر دون أن تترك آثاراً.