الأربعاء - 08 مايو 2024
الأربعاء - 08 مايو 2024

رغم الضجة.. وباء محدود

بلغ عدد ضحايا كورونا حول العالم ربع مليون مواطن ومواطنة، الرقم يبدو في نظر كثيرين ضخماً وهو كذلك بالفعل.

في بداية الوباء تخوفت منظمة الصحة العالمية من أن يصل رقم الضحايا إلى 50 ألفاً، لكن اليوم ونحن في قلب الأزمة، فالرقم قد يتجاوز 300 ألف.

الأرقام تتزايد في روسيا وفي الولايات المتحدة، ومع ذلك فإن مجمل الأرقام حول العالم على مستوى الوفيات والإصابات، تعد قليلة جداً قياساً على ما سبق من أوبئة عبر التاريخ.


الإنفلونزا الإسبانية عقب الحرب العالمية الأولى حصدت طبقاً لبعض التقديرات 50 مليون نسمة من إسبانيا ومحيطها، أي أنها لم تكن وباء عالمياً، بل كانت إقليمياً إن جاز التعبير، ولأن العالم كان خارجاً لتوه من الحرب العالمية الأولى، وكل لديه ما يؤلمه من جراح الحرب، لم يتوقف كثيرون أمام ضحايا الإنفلونزا، فاعتبرت مشكلة إسبانية في المقام الأول وليست إنسانية عامة، رغم أن ضحاياها فاقوا ضحايا الحرب العالمية. وفي مصر سنة 1942، انتشر وباء الملاريا، فواجهته وزارة الصحة المصرية وحدها، واستمر حتى العام التالي، وقدر عدد الضحايا وقتها بـ(400) ألف فرد، ولم يهتم أحد وقتها بالملاريا، واعتبر الأمر مشكلة مصرية خالصة، ووقتها كان عدد سكان مصر حوالي 17 مليون نسمة.


وقبل ذلك بأكثر من قرن وفي زمن محمد علي انتشر في مصر وباء الكوليرا، نقله حاج هندي مر بالإسكندرية بعد أداء فريضة الحج ورغم جهود محمد علي الجبارة، ذهب ضحيته 170 ألف فرد، وكان تعداد السكان وقتها أقل من 3 ملايين نسمة، لهذا كله فإن وباء كورونا إلى الآن قليل الضحايا، على المستوى الدولي والمحلي أيضاً، ونتمنى أن يمر سريعاً وبأقل عدد من الضحايا.

إن الموت واحد بالنسبة للفرد والمجتمع، ولعل التقدم الطبي والعلمي مع سرعة التواصل العالمي هو ما لعب دوراً في الحد من الضحايا، مع الاهتمام الشديد والصارم من كثير من الحكومات، باتخاذ إجراءات احترازية، وتنحية المخاوف الاقتصادية لبعض الوقت، وتوفير أدوات الوقاية والعلاج.

ولذا يجب أن نتفاءل بمستقبل الإنسانية والتقدم العلمي والطبي، لنُوقف هجمة بعض التفسيرات التآمرية لظهور كورونا وانتشاره، ويبدو لي أن تلك التفسيرات دفعت كثيراً من الدول إلى بذل مزيد من الجهد لمحاصرة كورونا، لهدف ضمني وهو نفي فكرة المؤامرة، بإهمال الفيروس أو تعمد نشره.

ذات يوم قريب سوف نعبر هذه الأزمة، وحين نتذكرها مستقبلاً فسوف نجد فيها ما يدعونا إلى التفاؤل الإنساني عموماً وربما الفخر.