الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

الأصل في الشغف

كثيراً ما ننهمك في بناء شخصيات مؤسسيّة تُذيب الفروقات الفردية أحياناً لتكون جزءاً من كل، ضمن منظومة أعراف ومعتقدات اجتماعية محددة يتأثر المرء بسببها أكثر من قدرته على التأثير عليها، وتطغى سمات هذه الشخصية مع الوقت على مختلف مناحي حياة الفرد. ذلك جانب من جوانب «مأسسة الفرد»، إذ يكون الالتزام الجامد بالقواعد هو الأصل والانحراف عنها شذوذاً. وحين بدأت المؤسسات تتفطّن إلى ذلك انطلقت دعوات الابتكار لتجديد روح المؤسسات، ومن ثم تجديد المخرجات.

الطريف، أن الحديث عن تجديد الروح المؤسسية سيُعيدنا إلى الفرد نفسه، إلى الإنسان وجوهره والفروقات التي يحملها، حيث يمكن استغلالها بشكل مناسب حسب الزمان والمكان لتبني الفرد وهو يبني مؤسسته فمجتمعه.

لقد أصبح الاحتفاء بالذات والحفاظ على الفردانية أمراً طبيعياً، ولا يتعارض مع مفاهيم العصر الحديث، كما أن الحفاظ على الفردانية يُسهم في إبقاء الاتصال المباشر بين المرء ونفسه دون حاجز أو وسيط، فتكون أفكاره ومبادراته خالصة نابعة من ذاته قبل أي شيء.


وهذا سيقودنا إلى التركيز على جانب من جوانب التربية وهو تربية الشغف، حيث تختلف طرائقها باختلاف شغف كل طفل وميوله، وهذا ما يتقاطع بشكل جميل مع دعوات حرية التعلم اليوم، حيث نرعى هذا الشغف الفردي ليكبر، ثم نجعل مجتمعات المستقبل ومؤسساته تستوعب هذا التنوع وهذه التعددية، بما يُسمى بـ «إدارة التنوع».


وفي الوقت الذي لم تكن هناك حاجة ملحة، أو تم اعتبار التفكير خارج الصندوق محض رفاهية، وضعت أزمة كوفيد-19 الكثير أمام الأمر الوقع، فصرنا جميعاً خارج الصندوق فعلاً، وبات الشغف هو المحرّك الأساس، والشخصية الإنسانية هي الرابط، والوعي الوجودي هو الأسمى.