الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

لقاءات تتحدى العزلة

منذ القدم والإنسان يبتكر وسائل للتخاطب والحوار مع الآخر، فرسم على الصخور والجبال وبقيت شاهدة عليه، كما استخدم النار ليلاً والإشارات الدخانية نهاراً، وفي كل العصور هناك شواهد على ابتكاراته.

وفي عصر كورونا هذا الذي نعيشه، وما تسبب به من عزلة ومنع تجول وتباعد اجتماعي، حيث قطع شرايين العالم ومواصلاته البرية والجوية والبحرية، كان لا بد من وسيلة تتحدى القطيعة التي تسبب بها توقف الفعاليات والمناسبات ومعارض الكتب والأنشطة المختلفة، فلعبت التقنية الدور الكبير في التواصل إلكترونياً، حيث لم يقتصر استعمالها على التواصل المحدود بين عدد قليل من الأفراد، بل تمكن المحاضرون والناشطون حسب مجالات تخصصهم، التواصل عبر برامج أتاحت مشاركة ما يصل لألف شخص يتابعون ندوة ما أو أمسية شعرية يقيمها عدد من الشعراء.

الفضاء الإلكتروني لم يهدأ منذ الجائحة، فلم يمر يوم دون ندوات ومحاضرات وأمسيات كان لها الأثر الطيب سواء في التوعية أو نقاشات حول الفيروس، الذي اجتاح العالم أو تلك الندوات السياسية أو الاقتصادية أو الثقافية بكل أطيافها، والتي عوضت ربما عن المحتوى الضعيف الذي تبثه بعض القنوات من ضيوف تقليديين ومواضيع سطحية.


برنامج Zoom أتاح لي المشاركة في أكثر من ندوة سواء بدافع تخصصي الإعلامي أو كشاعرة، منحني منبراً لمشاركة شعراء وشاعرات من العالم، أهمها الأمسية الشعرية الثانية من سلسلة إكسير الشعر في مقاومة الجائحة، التي أعدت لها وأدارتها الشاعرة السعودية الرائدة في قصيدة النثر الدكتورة فوزية أبوخالد.


أن نجتمع مع كوكبة من الشعراء من أصقاع العالم تباعدوا على الخريطة الجغرافية، وجمعتهم التقنية على شاشة إلكترونية واحدة، هو إنجاز تقني إنساني احتفى بالقصيدة وجعلنا تلامذة في مدرسة التقنية التي أجبرنا أن نتقنها لنجتمع ونشارك، ولعل حضور الدكتورة سلمى الخضراء الجيوسي، في أمسيتنا قيمة مضافة، حيث تعد ممن قدموا الكثير للغة العربية، فهي قد اختيرت شخصية العام الثقافية في معرض أبوظبي للكتاب 2020، وكانت قد منحتها مؤسسة العويس عام 2007 جائزة الإنجاز الثقافي والعلمي، اعترافاً بدورها الريادي في خدمة العلم والثقافة، كما كنت شاهدة على تكريمها في جائزة خادم الحرمين الشريفين للترجمة في باريس 2010.

جائحة كورونا التي عطّلت العالم لم تمزق أوصاله المعرفية والثقافية والعلمية والتوعوية، بل كان الحجر فرصة للالتفات لمثل هذه اللقاءات العلمية عبر شرايين التقنية.