الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

الإيمان.. وإشراقة أمل جديد

منذ أسبوعين وأنا أتواصل مع ثلة من كبار المفكرين والمبدعين من العالم العربي لدعوتهم لإلقاء محاضرات حول تخصصاتهم في الندوات الافتراضية، فتفاجأت بتجربتين متناقضتين تماماً، إحداهما: أن جميعهم رحبوا بالدعوة وأعربوا عن فرحتهم بها، ولكن بعضهم اعتذر عن المشاركة لأسباب سأتحدث عنها في هذا المقال.

وكانت لي مفاجأة سارة أن كبار الشعراء والأدباء العرب، الذين كنا نهابهم لعلو مكانتهم وجلالة شأنهم وجدناهم في قمة التواضع والنبل والخلق، وعلى استعداد تام للتعاون والمساعدة لخدمة الثقافة العربية.

لكن ما أقلقني فعلاً عند بعض كبار المبدعين، ما لمستُه من يأس وقنوط كبيرين من أزمة الحياة المحيطة بنا بسبب جائحة كورونا، ما جعلهم ينسحبون تماماً من أنشطة الحياة.


وقال لي روائي بارز: «أشكرك على دعوتك، ولكنني مُشوَّش ذهنيّاً، وأنام في معظم أوقاتي وانسحبت من الحياة، ولا أعمل سوى في كتابة مقالتي الأسبوعية لصحيفة»، وقال آخر وهو شاعر كبير: «ماذا ترك لنا كورونا لنقوله في الشعر؟ أخي سيقضي كورونا على وجودنا، وليس عندي شيء سوى اليأس».


ولقد لمست هذا اليأس الكبير في حواراتي مع الأصدقاء من خلفيّات متنوعة، ففي الحقيقة، كلنا يعاني اليأس بدرجات متفاوتة، فالحياة في الحجر المنزلي منذ 3 أشهر لا تقل عناء وقسوة عن حياة السجن، أضف إليه ما صحبه كورونا من ويلات على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي والنفسي عالمياً، وما أفرزه من فوبيا على مستقبل الحياة البشرية،

والحياة ـ كما قال الحكماء: «طريقها ليست مفروشة بالورود، بل هي مليئة بالأشواك».

إن الوضع الحالي مقلق للغاية ولكنه تحدٍّ من نوع آخر، وعلينا أن نخرج من البؤرة منتصرين ممسكين بخيط الأمل، فالأمل حياة، وهو خيط النجاة من اليأس والقنوط، والأمل وحده يجعلنا قادرين على تجاوز صعاب الحياة ومشكلاتها وأحزانها وشجونها، وما أحسن ما قال الشاعر: «أعلل النفس بالآمال أرقبها، ما أضيق العيش لو لا فسحة الأمل»، أو أن «الأفكار الكبرى تولد من رحم الأزمات».

إنّ الأمل جزء أصيل من الإيمان بالله، فالمؤمن الحقيقي لا يفقد أبداً ثقته بالله تعالى الذي قال «فإن مع العسر يسراً، إن مع العسر يسراً»، والمؤمن صاحب أمل عريض في جميع الأحوال، وباحث عن النور في الظلام الدامس، وإذا كانت البشرية تجاوزت أصعب الفترات في تاريخها الطويل، فإنها ستخرج أيضاً من الأزمة الحالية منتصرة إن شاء الله.