الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

نكديون.. بلا حدود

ما هي مشكلتنا مع الفرح، ولماذا نتفنن في إظهار مظاهر الحزن، التي تعيدنا لاختراع طرق فريدة من نوعها في زرع الكآبة.
النكد هو الصنعة التي يجيدها الكثير والعديد منا، وهم بما يفعلون يظنون أنهم يحسنون صنعاً، بينما هم مفسدون ومخربون وقتلة لمظاهر السعادة المرتبطة بالبشر، والتي يجب أن يتحلوا بها ويستمتعوا! في مقاطع الفيديو المنتشرة عبر أثير الإنترنيت، ستجد الخلفيات مصحوبة بهمهمات وأصوات مبحوحة وعواصف تُبشر بنوعية ما أنت مُقبل على رؤيته وسماعه! بعضهم يظن أنه بما يفعل يُضيف المؤثرات الصوتية اللازمة لذاك المحتوى، الذي أنفر منه فأقوم بتجاوزه ومسحه أياً كان محتواه، فقد مللنا وعفنا مثل هذا النمط الترهيبي! نحن احترفنا الغمّ بامتياز بخلاف شعوب أخرى سعيدة ترقص طرباً ومرحاً، وتحيي ليالي سنواتها احتفالاً وضحكاً، أوقاتها مقسمة بين الجد واللعب والمرح والحزن، لينعكس ذلك على كل ما حولها، من معابدها لمدارسها ودوائرها الحكومية لشوارعها المزدحمة المليئة بالمتناقضات التي لم تنجح في تحويلها لشعوب غاضبة مكفهرة، وإنما على النقيض لأمم مُحبة للحياة رغم ما فيها! العديد من دعاتنا وعلمائنا تَغلب على مُحيّاهم مظاهر الجدية المُبالغ فيها، وتغيب عنهم الابتسامة ويندر أن ترى منهم خفة ظلة وممازحة، بل شدة وصرامة وكأن محبة الحياة والاستمتاع بها ذنب عقابه شديد.
أحاديثهم يغلب على الكثير منها الترهيب دون ترغيب وكأن الدين وُجد للعقاب فقط، بينما هو ومن جماله اصطفاه الله سبحانه وتعالى وأوجده وسطاً معتدلاً غير مفرِّط ولا متشدد، يمزج في محتواه بين ترغيب العباد لعمل الصواب وترهيبهم من عمل الخطأ ليجتنبوه، فينعموا برحمة المولى الكريم! إذا مشى الغريب في طرقاتنا يسهل معرفته حتى لو كانت سماته ولون بشرته مماثلة لنا، فنحن أصحاب كشرة وكأننا نتأبط شراً، نمتعض لأقل نظرة، فالبحلقة ولو كانت غير مقصودة في مفهومنا بداية لاشتباك بالكلمات قد يتطور لحرب وتشابك، بينما في بلاد أخرى لن تجد أحداً إلا ما ندر يقضي وقته في المقهى مثلاً أو المطعم أو أي مكانٍ عام وهو ينظر لما حوله، فيركز في هذا ويكاد تبتلع عيناه تلك، وإن صادف أن تلاقت نظرات عيناكما، سيبادرك بابتسامة لطيفة، بخلاف ما قد ينتج عن ذاك التلاقي غير المقصود لدينا من تبعات عافانا ربنا وإياكم منها!