السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

التوقعات.. بدايتها التفاؤل

يُقال: أن «الكُتَّاب» يتشابهون في حكاياتهم، وبالتالي في سردهم القصصي، وأجدني أتَّفِق بل أؤمن بهذه المقولة، لكنني أرى أن كل كاتب يعبر حسب أدوات عصره، فالإنسان ابن زمانه، كما هو معروف.

أذكر هنا رواية «توقعات عظيمة» أو (توقعات كبرى) Great Expectations للكاتب الإنجليزي «تشارلز دينكز» وهي واحدة من أهم من رواياته، وقد كانت محط أنظار صُنَّاع السينما والمسرح، وقد تم تجسيدها على المسرح والشاشة أكثر من 250 مرة، ومن بينها فيلم حمل اسم الرواية من بطولة: إيثان هوك وجونيث بالترو.

الرواية في مجملها تعبرعن قصة تشبه حياة الكاتب نفسه وطفولته الصعبة، والتي اضطر بسببها لترك المدرسة، والتوجه إلى عمل شاق وبأجر زهيد، وهو لا يزال صغيراً، ولإن لكل حكاية جانبها المشرق، وهو هنا في قصته يمثل طفولته، التي كان لها الأثر الأكبر في صقل شخصيته، وتجلِّي علامات النبوغ لكاتب مبدع، ومن قرأ عن سيرته الذاتية أو كتبه يعرف ذلك.


وعودة للحديث عن الفيلم سأذكر هنا الحالة التي التقى بها «بيب» و «إستلا» في حديقة القصر، وكيف تشكلت شخصية كل منهما.. فـ«إستلا» الطفلة الثرية والمدللة، والتي أحبها بيب، لم تلفت أبداً لترى مظاهر الجمال من حولها، ومنها حديقة القصر الذي كانت تسكنه، بل إنها ظلَّت ناقمة على أحداث حياتها، ولم تنتبه لأي مساحة خضراء في حديقة القصر وحياتها عموماً، وهذا على عكس بيب تماماً، الذي امتنّ لحديقة القصر، ثم لكل مساحة خضراء في حياته، قد انعكس ذلك بشكل إيجابي وواضح على شخصيته، حتى إنه أصبح رساماً مبدعاً أظهر كل الجمال من حوله في لوحاته، ذلك لأنه رأى بعينه كل الجمال من حوله، وامتنَّ للنعم وإن كانت بسيطة بعكس إستلا.


هنا نتساءل: كم من بيب وإستلا في حياتنا؟، على خلفية أن الأول صنع لنفسه مجْداً، والثانية دمرت ذاتها، لذلك علينا جميعاً الانتباه للجمال من حولنا، والشكر لله على ما أعطانا، والاقتناع بأن كل المواجهات المؤلمة قابلة للتحدي مهما كانت صعبة، وأن توقعاتنا العظيمة ستتحول إلى إنجازات أعظم، وهذا يتطلب التفاؤل، لأن ذلك هو السبيل إلى الخير، ومن أدرانا فربما وجدناه في نهاية الطريق.