الأربعاء - 08 مايو 2024
الأربعاء - 08 مايو 2024

«الأعظمي».. رحلة إيمان وعلم

قصة حياة المحدث الجليل الشيخ محمد ضياءالرحمن الأعظمي الهندي الأصل والسعودي الجنسية، الذي توفي في 30 يوليو الفائت عن 77 عاماً، قصة ملهمة تُقرأ عادة في صفحات الكتب.. إنها قصة رحلة استثنائية في سبيل الإيمان والعلم، بدايتها متواضعة بجهد دؤوب متواصل وتضحية وإخلاص وتفانٍ في سبيل الإيمان والعلم، ليصبح إماماً في فن الحديث النبوي الشريف بإنجاز علمي مدهش طالما أعجز الاتيان به المجامع العلمية.

ولد المحدث الجليل في أسرة هندوسية متوسطة في عام 1943، وأمضى طفولته كهندوسي تحت اسم بانكيرام في مقاطعة أعظم جراه بولاية أوترا براديش الهندية، شرح الله صدره للإسلام وهو في المرحلة الثانوية واعتنقه، ليلتحق بجامعة دار السلام الإسلامية بعمر آباد لتحصيل العلوم الدينية، وتخرج منها، ثم توجّه إلى المملكة العربية السعودية والتحق بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة وحصل على شهادة البكالوريوس في كلية الشريعة وعلى شهادة الماجستير من جامعة الملك عبدالعزيز بمكة المكرمة، برسالة عن «أبي هريرة في ضوء مروياته»، وبعدها أكمل الدكتوراه في جامعة الأزهر بدرجة الامتياز.

عُيّن محاضراً في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة واستمر فيها إلى أن عُيّن عميداً لكلية الحديث الشريف والدراسات الإسلامية بالجامعة، وبعد تقاعده من الخدمة ألقى دروساً في الحديث النبوي في المسجد النبوي الشريف حضرها مئات من عشاق العلم إلى أن وافاه الأجل.


تخصص الفقيد في فن الحديث الشريف وعكف على التأليف فيه ومناقشة الرسائل والبحث العلمي، ويُعد تأليفه الموسوم «الجامع الكامل في الحديث الصحيح الشامل» في 12 مجلداً الذي اشتغل عليه لأكثر من 15 عاماً عملاً موسوعياً وإنجازاً علمياً جليلاً جمع فيه كافة الأحاديث النبوية الصحيحة من كتب الأحاديث ورتّبها على أبواب الفقه، مع مؤلفات أخرى «دراسات في اليهودية والمسيحية وأديان الهند والبشارات في كتب الهندوس»، و«دراسات في الجرح والتعديل»، و«الرازي وتفسيره»، و«معجم مصطلحات الحديث ولطائف الأسانيد»، إلى جانب مؤلفات مهمة في التحقيق والتعليق.


تلقت الأوساط الإسلامية في الهند ببالغ الحزن نبأ وفاة الشيخ، ووصفت وفاته بخسارة علمية عظيمة للأمة الإسلامية جمعاء، وذلك في سلسلة طويلة من رحيل كبار رموزها الدينية والعلمية في الآونة الأخيرة، رحم الله الفقيد وتقبل منه مساعيه في خدمة الحديث النبوي الشريف، وجعل مثواه في أعلى العليين مع الصديقين والشهداء والصالحين.