الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

لبنان الأمل

قبل نحو 20 عاماً، حكى لي صديق لبناني موقفاً من طفولته، لخّص لي معاناة أبناء جيله مع الحرب الأهلية التي اندلعت في سبعينات القرن المنصرم.

يقول: «حين كنت في الثامنة جلست مع أبناء الجيران نتسامر، وعندما تأخر الوقت استأذنت منهم وعدت للمنزل، قبيل الفجر استيقظنا على صوت أبي وهو يوقظنا لنغادر المنزل بسرعة، سألته: لماذا؟

فأجاب والهلع يرتسم على وجهه: ثمة إطلاق نار كثيف في الخارج!».


يكمل صديقي حكايته، فيقول: «في طريقنا إلى بيت عمي لمحت جثث أبناء الجيران الذين كنت أتسامر معهم قبل ساعات، متناثرة على طول الطريق، ومن يومها وهذا المشهد المرعب لا يفارق ذاكرتي».


قلت له مواسياً: تلك مرحلة وانتهت.. ولبنان اليوم أفضل حالاً بكثير.

وكنت صادقاً يومها، فلبنان في منتصف التسعينات استفاق من غيبوبته الطويلة، وشهد نهضة اقتصادية جعلت منه قبلة للسياح العرب،حتى ظنَّ الجميع أن الأوقات الصعبة ولّت إلى غير رجعة، وأن اللبنانيين تعلّموا من الدروس القاسية التي مرت عليهم، وليس من الوارد أن يقعوا فيها مرة أخرى.

لكن مع اغتيال رفيق الحريري انتهى الحلم الجميل، واستيقظ الجميع على واقع بشع يذكرهم بكوابيس الماضي، وكأن كل جيل مكتوب له أن ينال حظه من الحيرة والخوف والألم، رغم كل مقومات الازدهار التي وهبها الله له.

لبنان اليوم بحاجة إلى جيل جديد من القادة، يطوي صفحات الماضي بكل أوهامها، ويفتح صفحات جديدة يركز فيها على التعايش والبناء والتنمية.