الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

معيار التقوى

من يقرأ التاريخ الإسلامي، ابتداءً من بعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وانتهاءً بهذه اللحظة التي أكتب فيها مقالي هذا، سيلاحظ اختلاف تأثير الفهم الديني على المجتمعات المسلمة، فعندما كان الفهم صحيحاً وعميقاً، نهض المسلمون وتسيّدوا العالم، وعندما ضعف هذا الفهم وتسطح، انحدروا وتراجعوا كثيراً إلى الوراء.

لا طائل أبداً من البكاء على اللبن المسكوب، فالمجتمعات الواعية والراغبة في اللحاق بركب الحضارة تُسارع إلى تصحيح أوضاعها ومعالجة أخطائها، لتعود إلى مضمار السباق من جديد.

البعض يظن أن المشكلة في الدين، وأن الصراعات التي دارت بين المسلمين في الماضي والحاضر سببها ذلك، وهذا غير صحيح على الإطلاق، والدليل أن هذه الخلافات لم تندلع في عهد النبوة، رغم أن المسلمين كانوا فيه أقرب إلى الدين من أي وقتٍ آخر.


إذن أين المشكلة؟


من وجهة نظري المشكلة تكمن في فهم المسلمين لدينهم، وليس في الدين نفسه، وحلول كل المشكلات التي تعاني منها المجتمعات المسلمة تبدأ بتصحيح الأفهام الخاطئة، وحينها سنجد أنفسنا جميعاً أكثر ميلاً للسلام، وأكثر إقبالاً على الحياة.

الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان لإعمار الأرض، وجعل الناس شعوباً وقبائل ليتعارفوا، وجعل التقوى هي ميزان المفاضلة بين البشر، وهنا من المهم جداً أن نسأل أنفسنا: ما التقوى؟

وأنا أُحضّر لهذا المقال بحثت كثيراً في مفهوم التقوى، وعثرت على تعريفات عدة كُتبت من منظور ديني بحت، وأعتقد أننا بحاجة ماسة إلى تعريف التقوى من منظور إنساني أكثر شمولاً، لنصل إلى إدراك أعمق لهذا المعيار العظيم.