نبوءة ذاتية التحقق

قرأت موضوعاً في مدونة لشاب يتحدث عن تقنية ربط الدماغ بالحاسوب، وقد كانت مناسبة الحديث هو إعلان رجل الأعمال الأمريكي إيلون ماسك آخر التطورات في هذا المجال، حيث إنه أسس شركة تصنع منتجاً يتميز بصغر حجمه ويمكن زرعه في الدماغ، ويمكنه إرسال إشارات لاسلكية إلى الحاسوب لتحليلها.

ماسك سوّق لقدرات هذه التقنية لكنه كعادته يبالغ ويخلط الحقائق بالخيال، فقد ذكر أن هذه التقنية يمكن استخدامها لعلاج الشلل والاكتئاب وأمراض أخرى، وفي المستقبل سيتمكن الفرد من استخدامها للتواصل مع الناس الذين يستخدمون التقنية نفسها، وستلغي التقنية الحاجة إلى اللغة، الناس سيتواصلون بمشاعرهم مباشرة، وهذه مبالغة وفكرة تصلح لرواية خيال علمي.

الشاب صاحب المدونة كتب يعلن يأسه المبكر من هذه التقنية، وكتب متشائماً أنها ستُستخدم لأغراض سيئة كالرقابة على أفكار الناس والتحكم بها وأن الناس سيجبرون على استخدامها، وهذا ما أزعجني، فنبرة اليأس هذه رأيتها من قبل وما تزال، يأس الشاب هو نبوءة ذاتية التحقق، بعدم فعل شيء سيحدث أسوأ ما تتوقع.

فهم التقنية وكيف تعمل هو أول ما يمكن للفرد فعله، مثلاً انتقاد الشبكات الاجتماعية يفترض أن يدفع المرء لفهم كيف تعمل؟ وكيف يمكن استخدامها ومقاومة الجانب السلبي منها؟ وهذا قد يعني التوقف عن استخدامها كلياً، أو حذف التطبيق من هاتفك والاكتفاء باستخدامها في حاسوب مكتبي، كذلك استخدام أدوات تحد من قدرات الشبكة الاجتماعية على متابعتك وجمع معلوماتك، يمكنك فعل الكثير للتعامل مع أي تقنية.. المقاومة تبدأ بالفهم وإدراك أن لديك خياراً.