الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

ما قبل كورونا.. وبعده

سقطت بعد كورونا أشياء اكتشفنا أنها مجرد كماليات، والأمثلة كثيرة على ذلك، فمثلاً: الكُلف الباهظة لإقامة الأعراس توقفت بسبب الفيروس، ولم يعد هناك مجال (لمصاصي الدماء)، أو بما يعرف بمنظمي الأفراح الذين يبالغون في تصميم وابتكار البهرجة الكذابة، والزينات والكوشات والبوفيهات، لتصبح الأعراس بعد كورونا تقتصر على أهل العريس وأهل العروس من الدرجة الأولى، حتى إذا خالف البعض القانون فإنه بسبب إضافة (خالة العروس أو عمة المعرس)!
ما بين هبوط الاقتصاد وفقدان الوظائف ورغبة البشر في التملك والتميز تظهر معها (قلة الحيلة)، وهنا يظهر المبتكرون ليغيروا ثقافة التسوق، حيث خرج الفرنسي (يان لو فلوش) صاحب موقع (The Instant Luxe، المتخصص في بيع الأزياء والإكسسوارات المستعملة)، الذي يجعل حلم الفتيات بارتداء فستان من «ديور» وحمل حقيبة من «هيرميس» أو «شانيل» ولو ليوم واحد حقيقة، لأنه يؤجر هذه المنتجات بمبالغ زهيدة بالمقارنة بأسعارها الحقيقية، ولديه اليوم (مليون مشتركة)، والفكرة أن أسعار هذه المنتجات وهي مستعملة، ما تزال باهظة وبعيدة المنال بالنسبة إلى البعض، لذلك استحدث هذا الموقع، والذي تدفع فيه كل واحدة 350 يورو كاشتراك شهري لتحصل على حق استعمال (10 قطع أزياء)، قد تكون من «ديور» أو «غوتشي» أو «شانيل» أو «سان لوران» وغيرها من الأسماء الكبيرة.
يشرح (لو فلوش) أن المرأة الفرنسية بطبعها تُقبل على شراء قطع مستعملة، ولا ترى في الأمر انتقاصاً منها، بل تعتبره جزءاً من التسوق الذكي والممتع، ولا يرى الجيل الجديد من السيدات غضاضة في الفكرة، لأنهن أصبحن يعشن ويعملن في عالم افتراضي، والمرأة المقتدرة يمكن أن تُقبل عليها باعتبارها حلاً مثالياً لتخفيف العبء عن خزانة (تراكمت فيها الأزياء والإكسسوارات)، فكما غيّرت شركة «أوبر» مفهوم التنقل والمواصلات، و«بوكينغ» مفهوم الإقامة والسفر، يريد لو فلوش تغيير ثقافة التسوق والنظرة إلى الترف، حيث يتم تأجير نحو 4000 قطعة في الأسبوع، بعضها بمبلغ 10 يورو في اليوم، إضافة إلى 20 يورو للتأمين، أما حقيبة «شانيل» باللون الأسود، ويُقدر سعرها في المحال بـ4500 يورو، فإنه يوفرها للإيجار بمبلغ 25 يورو إضافة إلى 20 يورو للتأمين عليها مع تحمل نفقات وصولها إلى الزبون.. فهل الحاجة أُم الاختراع، أم أن البشرية استردت جزءاً من تعقلها بعد كورونا؟