السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

أحقاً.. ما أجمل الفقراء؟

ليت الفقر يظهر كرجلٍ فيفنى، وليته كان جيشاً تتضافر كل قوى الخير لتحاربه وتقضي عليه، الفقر أو العوز أو الحاجة أو الحرمان، هو أن يتمنى الإنسان أمراً ضرورياً لحياته ومعيشته وسكنه وطعامه، لكنه لا يستطيع الحصول عليه، لأنه لا يمتلك ما يمكنه منه في مجتمعات أصبحت المادة فيها هي المقياس، والحياة الكريمة تعتمد على ما تمتلك، والمتعة تقاس بمدى غناك، فيما الفقراء غرقى في دوامة حياة لا ترحم، همهم الأكبر فيها لقمة العيش المشبعة بالدموع التي تطغى عليها رائحة العرق من كد وجهد أو مذلة سؤالٍ وطلب، توسل فيها أهل الحاجة، ما يبقيهم أحياء عبر ملء معدتهم بما يُسكت جوعها، وما يُكسي أجسادهم براقع بالية عفا عليها زمن الأثرياء والقادرين، لكنها تكفيهم كيلا تكشف سوءاتهم، التي ليست بعارهم، بل بعوزهم وقصر ذات اليد.
إن أردت أن تتصور ألم الفقر، فلتنظر لعينَي جائع وحبذا لو كان طفلاً أو عجوزاً هرمة، سيتجلى فيهما سخط الدنيا على ذلّ الفاقة وتجاهل أهل الجاه والثروة والسلطة لزمنهم الذي لم يعد يكترث بهم، وهو الذي عرف له الماضي وقتاً كان يبحث فيه أهل الزكاة عمن ينفقونها في سبيلهم، فلا يجدونهم.
يقول الأغنياء ومتوسطو الدخل: ما أجمل الفقراء، وكأنهم بما قالوا قد منحوا الفقراء شرف الجمال، الذين ظهروا به في صورة لابتسامة أو ملامح عفوية أو بشرة صافية لطفلة أو امرأة أثناء ساعة استراحة من عملٍ بدأ بعد فجر يوم مُضنٍ في تكسير الحجارة، أو تنظيف الطرقات من بقايا مهملات المارة والمتسوقين!