السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

نقد الموروث

ينبغي ألا يكون نقد الموروث مقتصراً على العادات والتقاليد المجتمعية السارية منذ عقود، والتي تعمل بها الأجيال المتلاحقة كمسلّمات لا يمكن التطرق إليها، علماً أن بعضها أصبح يُلحق بالدين رغم عدم انبثاقه منه، وهذا الاعتقاد مرده حالة الاستهجان المجتمعي في حال تركه، حتى بات الجميع يرى أن إتيانه واجب والتكاسل عنه وإهماله ذنب وخطيئة، عدا عن كونه عيب وانقلاب على الثقافة المجتمعية، وهو ما يقودنا إلى كون الموروث هنا، هو ما جرت العادة عليه ووجب القيام به وعمله أياً كان مرده.
لا بد من الإشارة إلى أنّ الموروث يشمل أيضاً الديني الممارس منه، والمقصود به ليس الأحكام الشرعية والمسائل الفقهية المتفق عليها، وإنما ما استُحدث منها وخرج على الإجماع عبر فئة معينه، حتى صار ممارسة ثابتة في بيئته وبين الأتباع أياً كانت مناطق معيشتهم، ويندرج تحته الممارسة لما تم استحداثه، ولم يكن معروفاً من قبل، واستخدم في ذلك أبواباً فقهية، لغرض التحريم لا التحليل، فنادى بها أفراد من سلطة دينية متشددة، وفرضتها كممارسات يجب اتباعها وعدم التفريط بها، في اختلافٍ مع جمهور الأغلبية الذي لا يرى لها وجوباً، وهو ما حدى بالفئة الأولى للتفرد بها وتضليل الآخر لعدم القيام بها، ما تسبب في خلاف، عادةً، ما انتهى لطرف يرى الآخر مفرِّطاً، ليقابله من يصفه بالمتشدد!
نقد التطرف والتشدد لا يتعلق بالديني فقط، فمن الإجحاف أن يُقتصر عليه، حيث يتشارك معه الليبراليون الجدد، وهذا اللفظ تعمدت إطلاقه عليهم للتفريق بينهم وبين الليبراليين الأيديولوجيين العاملين بروح القول «المبادئ لا تتجزأ».