الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

غرباء.. تحت سقف واحد

في زمن جميل مضى، كان شمل الأسرة يلتئم على مائدة الغداء بمجرد عودة الأب من عمله، ولا ينقضي اليوم إلا وأفرادها قد تفاعلوا مع بعضهم بأشكالٍ عدة.

فإلى جانب الوجبات المشتركة.. هناك البرامج والمسلسلات التي تجتمع الأسرة لمتابعتها كل يوم، وهناك (فوالة) العصر، وهناك أحاديث ما بعد العشاء، هذا غير المناسبات الاجتماعية، وما يحدث خلالها من تفاعل مباشر وتواصل مستمر.

مرت السنين، وتغير كل شيء.. وهذه سنة الله في الكون.. لا شيء يبقى على حاله.


فالمرأة خرجت إلى ميادين العمل، وما عاد اهتمامها يقتصر على رعاية الزوج وتربية الأولاد.. والرجل يلاحق متطلبات الحياة، ويبذل كل ما في وسعه لتغطية تكاليفها.. والأبناء كل منهم غارق في عالمه الخاص، ولا يعلم إلا القليل عمن يقيمون معه تحت السقف ذاته.


هذا هو أكبر تحدٍ يواجه الأسرة العربية عموماً، والخليجية على وجه الخصوص، في السنوات الأخيرة، وأعني به التفكك الاجتماعي، وغياب التواصل بين أفراد الأسرة الواحدة.

في طفولتي شاهدت ابن الجيران يبكي أياماً على فقدان ابن عمه الصغير، إثر حادث سير وقع على الشارع المحاذي لبيتهم، وقبل شهور رأيت زميلاً يتحدث عن تقلبات أسواق المال في عزاء أخيه الذي يكبره بعام واحد.. فما الذي تغير؟

من وجهة نظري كل شيء تغيّر، نمط الحياة.. أسلوب التفكير.. طبيعية العلاقات بين أفراد العائلة الواحدة.. وكل ذلك بسبب النزعة المادية التي طغت على الجميع، ولم تترك مجالاً للنظر والاهتمام بالجوانب المعنوية.. وهذا أكبر خطأ، وأفدح خسارة.