الأربعاء - 08 مايو 2024
الأربعاء - 08 مايو 2024

ما قيل في أروقة العزاء

لم أجد أشدّ ألماً من حزن الآخرين، عند محاولة فهم مشاعرهم ومساعدتهم في الوثوق من جديد في الحياة، من أنك تغير نظرتهم التي انطفأت في لحظة، ولم يعودوا واثقين في أنهم يستحقون الحياة من جديد، وأن العالم ما يزال ينبض، في حين أنهم مؤمنون تماماً أن العالم يسير نحو نهايته.

كل بكاء البشر قاسٍ، إذْ لا يمكن أن تقول لي أن بكاء المرأة أشد فتكاً من دموع الرجل.. كل الحزن يجلس أمام أولوية غاضبة.

اكتشفت أن هناك أناساً ملهمين في الحياة، رغم كل ظلال الألم الذي يواجههم، ربما تكون أنت أحدهم، كما اكتشفت خلال الفترة الماضية والتي لم تكن شيقة ولذيذة ولطيفة، أن الناس تجد عزاها الداخلي في الذهاب لتقديم مراسم العزاء لأيّ فقيد.


أخبرتني صديقة سودانية أن المغتربين السودانيين عندما تحط الطائرة في المطار، فأول ما يقومون به هو الذهاب لتعزية أقاربهم سواء في المدينة أو القرية.


بعدها أدركت القيمة النفسية في السباق للعزاء، ليس فقط مجرد إثبات حضور، لكنه ضمنياً يعني أن المتوفى حتى لو مات قبل سنوات، فهو يستحق أن نظهر مشاعرنا تجاهه.

في الأسابيع الماضية، كانت أبواب العزاء لا تتوقف، وكنت أتطلع إلى الوجوه الحزينة، وأتساءل: متى سينتهي هذا الحزن الجليل؟ هل سينتهي اليوم أو بعد عام؟ لأكتشف أن الحزن لفراق أحبائنا لا يمكن أبداً أن ينتهي، وأنه يكبر معك، ويطول أيضاً معك، ويأتي أحياناً في مشهد تلفزيون، لتفرغ كل دموعك التي لم تظهر كاملة.. نحن نصنع الحزن، ليصبح حزناً خاصاً بنا وحدنا!