السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

العلاقات غير المتكافئة

في كثير من حالات إدارتنا لعلاقاتنا (الأسرية، الاجتماعية، المهنية) تأخذنا فكرة (المبادئ) بصيغة أفعال التفضيل، أن نكون نحن الأسمى، الأرقى، الأكثر عطاء، الأكثر تسامحاً، غير أن هذه الحال قد تنقلب إلى العكس تماماً في اللحظة التي نكتشف فيها أن الطرف الآخر، الذي لم نكن ننتظر منه التعامل بالمثل، كان طرفاً انتهازيّاً، وانتهت القصة معه بالإساءة، وربما الخيانة.

حدثتني إحداهن عن علاقتها بزميلتها المقربة في العمل، التي أُصيبت بصدمة بعد حادث سيارة، كانت محدثتي تخرج باكراً من منزلها يوميّاً، وتعود متأخرة كي توصل في طريقها إلى العمل زميلتها، وكانت تشاركها كل مناسباتها وتقدم لها الهدايا وتساعدها على التخطيط للسفر معها، وبعد نشوب خلاف بينهما لسبب عارض تركتها زميلتها، وصارت تقود سيارتها بنفسها إلى العمل دون عُقد تذكر!

حدثتني أخرى عن صديقة الدراسة، كيف كانت تترك لها وحدها حرية الاختيار في أبسط التفاصيل التي يتشاركانها: نوع المطعم والطعام، الأصدقاء الذين سيلتقين بهم، مكان السفر، نوع الفندق، كانت محدثتي ترى أن صديقتها تتسم بالحساسية المفرطة، والوسوسة، والتحفظ الشديد، لذلك كانت تتركها تدير أمورهما المشتركة، تقديراً لها وكي تشعرها بالراحة، ولسبب ما (متعلق بالتركيبة المعقدة لصديقتها) بدأت علاقتهما تختل، وانتهى الأمر أن أعلنت الصديقة الحرب على محدثتي، وصارت تسيء لها بين الناس، وتفشي أسرارها، ما عرضها للخطر والتهديد.


محدثتي الأخيرة، وليست الآخرة، كانت في طريقها لنقل أبنائها من مدرسة خاصة إلى مدارس حكومية، تزوجت برجل تكفلت عائلتها بأغلب نفقات الزواج والمعيشة، بنى لهما والدها طابقاً خاصاً، ليعيشا مع أسرتها، حيث كان زوجها في بداية حياته المهنية، ولم يسهم (قط) في أي نفقات منزلية، أو يدفع أيّ فاتورة تخصهما، وبعد أن ترقى وظيفيّاً تعرَّف إلى أخرى، فطلَّقها، وتزوج بالثانية، واستأجر لها (فيلا)، وهو الآن يماطل في نفقات أبنائه.


إنها أزمة العلاقات غير المتكافئة حين يتجاهل أحدنا موقعه في تلك العلاقات، وينجرف خلف المبادئ غير المدروسة، علينا أن ندرك في علاقاتنا المرنة والحميمية، أن من شروط العلاقات الناجحة، أن نصير نحن (الأول) في العلاقة، حين يعترينا المرض، أو تواجهنا الأزمات، علينا تحديد الخط الأدنى لموقعنا في علاقاتنا، حتى الأسريّة منها، وعلينا اكتشاف الانتهازيين باكراً، فأغلب عواقب مشكلات العلاقات غير المتكافئة أنها تغير نفوس أصحابها الطيبة، وتجرُّهم إلى السلوك بردة الفعل السلبية في مواقف لا تتطلب تلك السلبية، وبإمكاننا أن نحافظ على مبادئنا وسموّنا لو صرنا أكثر حكمة.