الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

«وظيفة المستقبل» على بُعد خطوة

من أكبر التحديات التي يواجهها الإنسان في حياته هو إيجاد وظيفة مناسبة، والأصعب من هذا الأمر هو اختيار التخصص الجامعي الذي يؤهلك لإيجاد وظيفة مناسبة، ولذلك سوف أكون واحداً ممن يعلنون عن وظيفة شاغرة، سنجدها متاحة كثيراً في السنوات المقبلة.

يتنافس العالم اليوم على امتلاك البيانات، فالبيانات هي بترول المستقبل، لكونها المشغل الحقيقي لكثير من التطورات التقنية المستقبلية، وكلما تم جمع بيانات أكثر كلما سهَّلنا من مرحلة تعلم الآلة، وسيكون بمقدورنا إدخال هذه البيانات للربوتات لنجعلها تقوم بما هو مستحيل في يومنا هذا، ولكم أن تعرفوا أهمية البيانات لو فكَّرتم بهذا الأمر البسيط: تخيلوا أن تقوم شركة بجمع بيانات الآلاف من السائقين حول العالم، ولا أقصد هنا جمع بياناتهم الشخصية، إنما أنماط السياقة الخاصة بهم، ومن ثَمَّ تقوم بتحليلها وتستعملها في تعليم السيارات الذكية، حينها ستكون البيانات التي تمتلكها هي المحرك الأساسي للسيارات ذاتية القيادة، ولهذا نقول: «إن البيانات هي بترول المستقبل، ومن يمتلكها ستكون لديه الفرصة بأن يستثمرها بالعديد من الاختراعات التي ستدر المليارات».

ربما ذهب البعض في ذهنه إلى الوظيفة الشاغرة وربطها بأنها متعلقة بجمع البيانات، وهذا تفكير إيجابي، ولكن ما طرحته لم يكن إلا مقدمة لفهم أعمق، فالوظيفة الشاغرة المتاحة هي «موظف أمن سيبراني» أو «موظف أمن معلوماتي» أو «موظف أمن بيانات» أو «محلل بيانات»، فجميع ملاك البيانات «بترول المستقبل» من حكومات تقوم بجمع بيانات مستخدمي تطبيقاتها الذكية، وصولاً إلى شركات تجمع بيانات مستخدمي مواقعها وتطبيقاتها، وأيضاً شركات تقوم بجمع بيانات من حول العالم لتستفيد منها في تكنولوجيا تعلم الآلة. كل هؤلاء سيبحثون عن شخص أتقن حفظ البيانات وطرق تشفيرها وتحليلها، وحفظها بأماكن بعيدة عن أيدي المتطفلين من الهاكرز، ومن الهجمات السيبرانية، التي أصبحت تشكل خطراً كبيراً على أمن المعلومات.

إن من يتخصص في مجال الأمن السيبراني وحفظ البيانات وتشفيرها، وطرق تحليلها وأرشفتها، سيجد كثيراً من الفرص في المستقبل، ولا أقصد المستقبل البعيد، إنما المستقبل القريب حتى، فنحن على أعتاب نقلة نوعية في التعامل مع التكنولوجيا، وعلى أبواب المدن الذكية والحياة الذكية، التي تتطلب وجود من يحمي بيانات المستخدمين، وسنجد بعد فترة قصيرة أن حتى الشركات الصغيرة ستبحث عمن يحفظ بياناتها وبيانات عملائها، فضياع مثل هذه المعلومات أو تسريبها سيخلق كثيراً من المشكلات، ولهذا على من يبحث عن تخصص يدرسه فليتجه نحو الأمن السيبراني والمعلوماتي بجميع أفرعه وتخصصاته الدقيقة، فوظيفة المستقبل على بُعد خطوة.