الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

الحقيقة.. والزيف

«ابحث دائماً عن الحقيقة».

الوصية الثانية من وصايا سقراط العشر التي نالت بعد موته قسطاً وافراً من التفكير والتحليل والنقد، وما تزال حتى يومنا هذا تنال كل الاهتمام.

قد يظن القارئ المتعجل أن هذه الوصية لا تعدو كونها كلاماً مفروغاً منه، على أساس أنه لا يوجد إنسان عاقل يبحث عن الزيف.. لكن القارئ المتأني سيفطن سريعاً أنه في كثير من الأحيان ما نظنه حقيقة لا يكون كذلك فعلاً، فنظل متمسكين بالزيف ظناً منا أنه حقيقة.. وهذه مأساة كبرى، تتسبب في كثير من الأحيان في هدر سنوات ثمينة من أعمارنا.. وتكون الحسرة أكبر عندما تكتشف بأن من قدموا لك الزيف في كأس الحقيقة، كانوا يعلمون في قرارة أنفسهم أنه زيف.


وأنا أقود دراجتي الهوائية في أحد المجمعات السكنية شبه المغلقة، يسترعي انتباهي مشهد الكثير من الفتيات الواعيات، وهن يمارسن أنوعاً عديدة من الرياضات.. من ضمنها المشي، والجري، وركوب الدراجات، واستذكر حينها الكثير من الآراء الفقهية التي كانت تنهى المرأة المسلمة عن ممارسة أي نوع من الرياضة خارج منزلها، وتعد ذلك خروجاً على قيمة الاحتشام.


في تلك الحقبة الزمنية كان ينظر لتلك الآراء المتشددة على أنها تمثل الحقيقة، وجراء هذه النظرة تنازلت أجيال كاملة من النساء عن حقها في ممارسة الرياضة، وركنت إلى حياة الخمول والكسل، وفرطت في صحتها النفسية والجسدية.

الآن نجد أنفسنا أمام سؤال أخلاقي كبير: من يعوض تلك الأجيال عن سنوات عمرها المهدورة؟