الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

المسؤولية الأبوية.. والتقاليد الأسرية

أثناء تسوُّقي في أحد المحال التجارية، وقبل أن أهم بالانصراف، لفتني وجود صبيتين لم تتجاوزا الثامنة من العمر، تقومان بالتبضع بمفردهما داخل المحل، و«تلاغيان» الموظف الآسيوي، وتنتقيان، وتقيسان الأحذية دون وجود أحد من عائلتهما بصحبتهما.. التوقيت: التاسعة مساءً!

التفت إليهما وسألتهما: هل أنتما وحدكما في المول؟ أجابتا: نعم!

خرجت، وقلبي وفكري بقيا داخل المحل عند الصبيتين، وصرت أتساءل بيني وبين نفسي كعادتي:«أي أهل هؤلاء الذين يسمحون لطفلتين بالخروج وحدهما مساءً، للتبضع في مركز تجاري كبير مليء بالغرباء؟!» وماذا لو تعرّضتا للتحرش من أحد الذكور البائسين، واختُلي بهما بعيداً عن المركز التجاري؟

هذا المشهد يتكرر كثيراً، إذ بات من المألوف أن أجد صبيات، مراهقات، يذرعن ردهات المولات بمفردهن، وتجد بعضهن يتعمدن الزّج بأنفسهن بين تجمعات الفتيان، وبعضهن، إن لم يكن أغلبهن، يقمن بوضع المساحيق في دورات مياه المراكز التجارية، وأعمارهن لم تتعد الـ12، ويسرحن ويمرحن حتى منتصف الليل، بلا رقيب، ولا حسيب!

في وقت مضى كان شكل العائلة حاضراً، وبقوة، في الأماكن العامة، وخاصة الأسواق، فكانت الأسرة تصطحب معها للتسوق الفتاة، من خجلها لا تكاد تلمح قامتها، أو تسمع له صوتاً في السوق، ولا يمكن أن يتعدى ظلها ظل أبويها.

اليوم، الفتيات الصغيرات، يخرجن برفقة السائق، بمفردهن، وغالباً ما يقضين إجازة نهاية الأسبوع بعيداً عن أسرهن، مع صديقاتهن من مطعم إلى مطعم، ومن مول إلى مول، والأهل كل في واديه لاهٍ بشؤونه الخاصة، ولا يدري ماذا يجري في الطرف الآخر من الوادي!

لا يزال معظم الآباء اليوم، يعتقد أن الأبناء يصبحون محميين، ومحصنين بما يكفي فور ظهور الزغب الأخضر في وجه الصبي، أو يشب ظل الصبية قليلاً، ليختصروا مسؤولياتهم تجاه أبنائهم في الدعم المالي، والسلام!

تعويد الأبناء على احترام التقاليد العائلية، يحفظ للأسرة ترابطها، وتماسكها، كما يحفظ للأبوين قيمتهما، ومكانتهما، وحضورهما، وسلطتهما في نفوس الأبناء، والعلاقة يكتنفها المودة، والاحترام، ما يجعل مسألة التسيّب شبه معدومة، طالما كان الأبوان يقومان بمهامهما، ومسؤولياتهما بحب، وعلى أكمل وجه، ولم يتنازلا عنها مهما كانت التزاماتهما الحياتية.