الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

لماذا لا تساند المرأة المرأة؟

بدايةً.. هل فعلاً تحارب النساء بعضهن في مواقع العمل؟ وهل تغار المرأة من المرأة؟ إنها نظرة سلبية سائدة عن علاقة النساء ببعضهن في مواقع العمل، وفي أسلوبهن في التنافس على النجاح والترقي، لكنني أثناء بحثي في هذه المسألة لم أعثر على دراسة نفسية أو اجتماعية تؤكد هذه النتائج، ولم أجد دراسات مسحية تفند هذه القضية، فكيف نقرأ هذا الرأي الشائع الذي يوشك أن يصير حقيقة مثبتة؟

على الشبكة العنكبوتية، وعند البحث عن دعم النساء لبعضهن، أو مساندة النساء لبعضهن، ستجد شهادات كثيرة لنساء يعرضن تجاربهن عن محاربة زميلاتهن لهن، أو الامتناع عن دعمهن، ويقدمن في الوقت نفسه تحليلاتهن الشخصية للأسباب، كثير من الأسباب عاطفي وانفعالي، كالتبرير بأن النساء تغار من بعضهن للأسباب التقليدية، كالجمال والذكاء وصغر السن، التي يعتقدن أنها أدوات مساندة للمضي قدماً في العمل، وأخريات يسقن أسباباً شبه علمية أو منهجية، لا تخلو من الطرافة، وتستحق التأمل فيها، منها أن المساحة المخصصة في القمة للنساء ضيقة جدّاً، وهي أصغر بكثير من حصة الرجال، لذلك تكون الحرب التنافسية بين النساء أكثر ضراوة، وخسائر النساء فيها كبيرة.

ومن الأسباب التي سردتها ذوات التجارب المؤسفة مع زميلاتهن، أن النساء الناجحات في الغالب، يتأثرن بالأفكار (الذكورية) المتولدة من فكرة (كراهية النساء أو الميسوجينية)، فأغلب الناجحات يعتقدن أن أغلب النساء مهملات غير مباليات وغير مجتهدات، وكثيرات التذرع بمشكلات الأبناء والأسرة، لذلك يفضلن الرجال على النساء لأنهن يعتقدن أن الرجال عامة أكفأ من النساء عامة! هذا الاتجاه الذكوري يجعل المرأة الناجحة تنأى بنفسها عن زميلاتها من النساء، باعتبارهن فئة دنيا مهمشة، وتوثق علاقاتها بالناجحين من الرجال، باعتبارهم يمثلون السلطة المهيمنة.


وإذا كان لي أن أدلي بشهادتي، استناداً إلى خبرتي العملية، وملاحظاتي الاجتماعية، فإن أي بيئة عمل لا تخلو من التنافس بين الأقران، رجالاً كانوا أو نساء، فلا نستطيع إنكار محاربة الرجل للرجل في بيئة العمل، غير أن سلوك المرأة دائماً ما يكون مرصوداً وعرضة للتحليل الساخر، بينما يفند سلوك الرجل بعقلانية، وقد رأيت أن المرأة حين تحارب أحدهم فإنها تتبع الأساليب الطويلة والمحاولات المتكررة التي قد تنجح في أغلب الأحيان بعد خلق مشكلات كثيرة، أما الرجل فحين يحارب زميلاً، رجلاً كان أو امرأة، فإنه يتربَّص الفرص، حتى إذا ما حان الوقت، وجه ضربة واحدة قاضية لزميله أو زميلته لا ينجو منها إلا نادراً.