السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

قراءة التاريخ.. الشك واليقين

عندما ترجع بي الذاكرة إلى الوراء، حيث مقاعد الدراسة في المرحلة الإعدادية والثانوية، أستذكر حبي وشغفي بمادة التاريخ التي كانت مادتي المفضّلة، والتي كنت أحقّق فيها العلامة الكاملة في أحيان كثيرة، ولا يوجد أي تفسير منطقي لهذا الشغف بالتاريخ سوى أنه أمر تلقائي عفوي لا أكثر، أو ربما بسبب ميول نفسية.

مع تقدّم الإنسان في القراءة، تُصبح لديه القدرة على قراءة كتب التاريخ من الأطراف الأخرى، وليست التي كُتبت بأقلام المنتمين لتراثه وثقافته فقط.

قد يُولّد هذا الأمر نوعاً من الصدمة في بداية الأمر بحيث يكتشف القارئ حقائق مختلفة عمّا قرأه في الكتب التي كتبها من هم من بني جلدته، ليكتشف أن كتب التاريخ أبعد ما تكون عن الحقائق التي لا تقبل الشك والمراجعة.


فالتاريخ كما يراه المؤرخ الاسكتلندي توماس كارليل هو مجرد «شائعات»، وكما يصفه الفيلسوف فولتير «أساطير مصدّقة»، وإذا ما كانت هناك رواية أو واقعة اتّفق المؤرخون على الجزم بصحتها، فمن الأجدر أن تكون هذه الواقعة مدعاة للشّك والتردد في التسليم بصحتها.


عندما تسأل أي شخص عن أهمية قراءة التاريخ، فلربما تكون الإجابة الأكثر شيوعاً «للاستفادة من دروس الماضي وأخذ العبرة من أخطاء السابقين»، بينما الحقيقة تقول عكس ذلك، فكثيراً ما نقول إن التاريخ «يُعيد نفسه».

من غير المنطقي قراءة قضايا الماضي وإسقاطها على الحاضر، والبحث عن حلول قديمة لا تُحاكي الحاضر، فمن وجهة نظري تكمن أهمية قراءة كتب التاريخ في قدرتها على منحنا خيارات أكثر لحلول قضايا مستقبلية.

وعند قراءتك لكتب التاريخ، فليكن سلاحك الأقوى هو «الشك»، وعدوّك الأول هو «اليقين».