الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

فتاوى رمضان.. الشَّطط والثوابت

انطلقت في سماء الشهر المبارك على لسان بعض مشايخنا فتاوى غريبة نسمعها لأول مرة، بعضها حول شرب الخمر بعد تناول الإفطار، والبعض الآخر حول الوضوء بمناديل الكلينكس توفيراً للمياه.. وكلها فتاوى تدخل في إطار اللامعقول.. ولا أدري ما هو السبب في حالة الشّطط التي أصابت عقول البعض، وأدخلت الناس في متاهات من الغموض وغياب الحقيقة، والأخطر من ذلك فتاوى تسيء إلى ثوابت الدين، ومنها: أن مقولة بُني الإسلام على 5 غير صحيحة.

إن الجري وراء الأضواء في مواقع التواصل الاجتماعي والشاشات والحوارات الساذجة جعلت البعض يتجرأ على كل ثوابت الدين، وسوف يترك ذلك آثاراً سيئة على عقول شبابنا، ولسنا في حاجة إلى المزيد من مظاهر الخلل والضياع في حشود من الشباب فقدت الرشد والبصيرة.. والسؤال هنا أين الأزهر الشريف ومجمع العلماء الكبار من هذه الدعاوى ولا أقول الفتاوى لأن تشويه ثوابت الدين يدخل في باب الضلال وأبعد ما يكون عن الحقيقة.

كيف لعالم أن يحلل الخمر في رمضان، وآخر يدَّعي أن شرب البيرة ليس حراماً ما دام بكميات لا تسكر.. وكيف نستخدم المناديل بدلاً من الوضوء.. إنها فعلاً أفكار شاذة تعكس خللاً في الرؤى ويجب أن تتصدى لها المؤسسات الدينية قبل أن تضلل الشباب وتفسد عقولهم.

والغريب في الأمر أن الإعلام يفتح شاشاته ومواقعه لمثل هذه الأفكار الغريبة والمضللة، والأزمة الحقيقية هي: أن الأجيال الجديدة تسمع هذا الكلام وتصدقه، وفي ظل غياب الوعي والدين الصحيح يقع شبابنا ضحايا هذا الفكر الغريب..

من ناحية أخرى، فإن مثل هذه الأفكار هي التي شجعت على ظهور الإرهاب والشطط والتطرف الفكري، وللأسف لا يزال هناك من يعتقد أن المواجهات الأمنية وحدها هي العلاج والحل، رغم أن قضايا الفكر هي الأخطر، وهي التي تحتاج إلى حوار رشيد وفكر مستنير.. إن ما نشاهد من مظاهر الخلل في بعض الفتاوى يحتاج إلى إيمان حقيقي وفكر واعٍ وخوف على مستقبل أجيال يجب أن نقدم لها ثوابت الدين الصحيح.

لقد أصبح سباق الفتاوى ظاهرة غريبة في واقعنا الديني والثقافي وفتح أبواباً لاجتهادات تفتقد الدقة والأمانة، لذا ولا بد من مراجعة لكل هذه التجاوزات حتى لا تزداد الأشياء شططاً وانفلاتاً، وهذا على عكس الماضي حين كان لدينا علماء كبار يعرفون ثوابت دينهم، وكانت الفتوى مسؤولية وأمانة.