الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

أمان التماثل.. ونماء الاختلاف

يحدث أن تصلنا دعوات لحضور مناسبات عامة أو خاصة، فيطرأ على البال تساؤلات عن الحضور المتواجد في تلك المناسبة، من أي طيفٍ ومشرب؟ وأي شكل من الفائدة يمكن أن نخرج بها؟

ينبعث جلّ تلك التساؤلات من هاجس التصنيف، أي حصر المتماثل والمختلف، فمن يميل إلى الشعور بالسلامة سيفتّش عن النقاط التي ترحّب بالقيم المتماثلة في داخله، فيقرر الحضور وهو مطمئن البال بأنه جزء من كل، مما يعزّز لديه الشعور بالأمان.

ومن يميل إلى جسارة الاستكشاف والتعرّف إلى الغريب والمختلف فسيقرر خوض غمار التجربة بذهن منفتح، متطلّع إلى فرص تكون وليدة اللحظة بلا تخطيط.

ويصبح الذهن في الحالة الثانية يقظاً أكثر من الحالة الأولى، إذ أن الاختلاف يحرّض على التفكير والتحليل والمقارنات، مما يسمح لاكتشاف فرص غير مسبوقة للنماء. بينما يجنح التماثل غالباً إلى النظر إلى نفس المقاربات والزوايا، لتأكيد الشعور بالطمأنينة وسلامة المسار.

وبهذا يصبح أمامنا مبحثان، الأول: عن أصل التمسّك بالسلامة، جذروها، وأسبابها، ودرجاتها. هل هي بدرجة معقولة أم مبالغة؟، وإذا كانت بدرجة مبالغة، فهل يكمن السبب في انعدام الثقة بأنفسنا أو قيمنا أم بسبب عدم تمكّننا من الدفاع عن هذه القيم حين تواجه نظيرها المختلف في ظرف زمني ومكاني واحد؟

أما المبحث الثاني، فيكمن في أخلاقيات التعاطي مع الاختلاف. هل سنجنح إلى الانسحاب.. أم المواجهة بالمنطق والبيان؟ وإذا قررنا المواجهة.. فهل سنتبع الصدق والنزاهة في نزالنا القيمي أم سنستفيد من أي أسباب جانبية للإطاحة بالمختلف؟

وقد يكشف ما سبق من تساؤلات، عن ميولنا الحقيقية بين أمن ونماء، وقدرتنا على الموازنة بينهما، كحاجتين أساسيتين في النفس البشرية.