الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

على وقع فراق الأحبة

يقول عمرو بن معد يكرب: ذهب الذين أحبهم وبقيت مثل السيف فرداً، كل يوم يرحل عنا صديق أو قريب فأنّى للنفس أن ترتاح وتبقى هادئة البال والموت مطبق من كل جانب، الناس يتساقطون كأوراق الخريف ضحايا لفيروس كورونا كأنهم بيت من ورق،

لا يكاد يمر يوم إلا ونسمع فيه عن وفاة صديق أو زميل أو قريب، أناس في ريعان شبابهم، ومنهم من تزوج للتو، وآخرون كهولاً يموتون في غضون أيام من الإصابة، ربما كنا التقينا أو هاتفناهم قبل أسبوعين، وفجأة رحلوا تاركين وراءهم الكثير من الذكريات والقلوب والأحلام المحطمة، في حين لا تنشر مجموعات الواتساب هذه الأيام سوى أخبار الموت أو صلاة الجنازة أو المعلومات عن المستلزمات الطبية مثل الأسرة وأسطوانات الأوكسجين أو الثناء على الراحل، الكثير من زملائي يرقدون في المستشفيات وبعضهم في وحدات العناية المركزة.

تعد الموجة الثانية من عدوى فيروس كورونا في الهند بحق هي الأشرس، مخلفة كارثة إنسانية بكل ما للكلمة من معنى خرجت عن السيطرة، ففي غضون شهر فقط اجتاحت الهند بأكملها حتى القرى، علماً بأن معظم الهنود يعيشون في القرى.

لقد أصبحت أشد وطأة في شهر أبريل الماضي خصوصاً، وأعلى ذروة في أعداد المصابين، في حين الموجة الأولى كانت أطول زمنياً وكان يسمع المرء عن حالات متفرقة من الإصابات والوفيات، والهند بلد كبير يحتضن خُمس سكان المعمورة، وكانت مدعومةً بتدابير شديدة كالإغلاق الصارم وغيره، لكن هذه المرة، انطلقت الموجة في نهاية مارس، وانتشرت كالنار في الهشيم مع ظهور بعض الولايات كمراكز بؤر ساخنة، وحسب علماء الفيروسات، فإن أسوأ مرحلة للموجة الثانية للتفشي لم تأت بعد: فقد تبلغ ذروتها في منتصف مايو، حيث قد تبلغ الإصابات اليومية أضعاف الأرقام الحالية.

إن حقيقة الحياة هي اللاإثبات، وقد أكد كورونا وعزز هذا الواقع بقوة وحتمية أكبر، الموت هنا يخبط خبط عشواء يتخطف من يشاء، لا أحد يعلم من سيكون ضحيته التالية، وفيما الكارثة مصاب وطني، فإن المأساة أكبر للمسلمين الهنود لأنهم فقدوا عدداً كبيراً من كبار قياداتهم الدينية والعلمية والفكرية والسياسية في أبريل الماضي، وعلى رأسهم سيد ولي الرحماني، ومولانا وحيد الدين خان، والأستاذ اشتياق دانش، والأديب مشرف عالم ذوقي، والأستاذ صديق حسن، والأستاذ رضوان قيصر، وآخرون لا حصر لهم. اللهم ارحمهم، وارفع عنا الوباء والبلاء.