السبت - 11 مايو 2024
السبت - 11 مايو 2024

المناخ.. وحالة طوارئ دولية

يتعايش الإنسان ومحيطه الطبيعي منذ زمن سحيق، ولعل آخر العصور الجيولوجية التي يتفاعل فيها الإنسان مع البيئة بشكل أعمق هما عصرا الهولوسين والأنثروبوسين؛ أوَّلهما امتدَّ منذ 10 آلاف سنة حتى بداية الثورة الصناعية 1780، بعد اختراع محرِّك البخار.

أما الثاني وهو الأنثروبوسين (أو العصر الجيولوجي البشري)، فهو العصر الحالي، لكن العلماء اختلفوا في بدايته، فبعضهم حدَّدها بانطلاق الثورة الصناعية، وآخرون ربطوها بتفجير أول قنبلة نووية، ويتفق الجميع أن هذا العصر بدأ حِين شرَع الإنسان يُلوِّث بيئته.

وبغض النظر عن بداية الأنثروبوسين، فلا شك أن تغير المناخ وتلوُّث البيئة عاملان مؤثران في شروط حياتنا ومستقبل كوكبنا، وأنَّ البشر اليوم هم الفاعلون الأساسيون في تدهور المناخ وتدمير البيئة.


ويمثل السلاح النووي تحديّاً وجوديّاً للإنسان، ليس فقط بما تُسبِّبه الحروب النووية من هلاك مروِّع للبشرية، ولكن أيضا بما تُلحقه من دمار شامل للمحيط الطبيعي من نباتات وغابات ومحيطات، وغيرها.
وحتى إذا لم تحدث حرب نووية مدمِّرة، فإن التقدم البشري قد يتوقف ما لم يَتخذ العالم من الآن فصاعداً إجراءات صارمة لتخفيف الضغط الهائل على البيئة، وفق تقرير التنمية البشرية لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي لعام 2020.
لذلك تحتاج البشرية اليوم إلى ‹‹أخلاقيات بيئية›› للحفاظ على وجودها، قبل أن تصل الأمور إلى مستوى يصعب التحكُّم فيه، فالإحصائيات تشير إلى ارتفاع حرارة الأرض بمقدار 1.1 درجة مئوية عما كان عليه في بداية الثورة الصناعية، ويرى العلماء أنه إذا استمرت غازات الدفيئة على وتيرتها الحالية، فسترتفع حرارة الكوكب خلال القرن 21 من 3.4 إلى 3.9 درجة مئوية، والنتيجة دمار محقق للإنسان والبيئة.


ولحسن الحظ، شهد هذا العام (2021) لفتةً بشرية نحو البيئة ووعياً عميقا بخطر التدهور المناخي، ويتجلَّى ذلك في خطوات وجهود إقليمية ودولية مهمة، كعودة الولايات المتحدة إلى اتفاق باريس للمناخ، ومبادرة السعودية للشرق الأوسط الأخضر بغرس 50 مليار شجرة وتحسين كفاءة إنتاج النفط، والحوار الإقليمي لتغير المناخ الذي عُقد في دولة الإمارات في إبريل الماضي، وقمة القادة للمناخ في واشنطن، والمؤتمر الدولي للمناخ الذي سيُعقد بمدينة غلاسغو الأسكتلندية في نوفمبر المقبل، أي أنَّنا نعيش اليوم ما يُشبه حالة طوارئ دوليّة لأجل المناخ.