السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

بأيّة حالٍ عُدت يا عيد؟

لسان حال المتنبي في هجاء كافور وهو يتأهب للهروب من مصر مبتعداً عن أحبابه ليلة عيد الأضحى المبارك يجسد حالنا اليوم في عيد لا يشبه أعياد الأعوام التي مضت، وذلك في قوله:

عيد بأيةِ حال عدت يا عيدُ

بما مضى أم بأمرٍ فيك تجديدُ؟


لمّة الأهل والأقارب، ومظاهر البهجة التي تبدأ منذ عشية الإعلان عن رؤية هلال شوال، ليتسابق بعدها المتسابقون نحو المحال والأسواق بغية إكمال الحلة والنواقص، وتتزاحم محلات بيع الفواكه والزهور والحلوى لتمر الساعات سريعاً والعين يغشاها النعاس فتصدح المآذن بتكبيرات العيد، ويا لها من لحظة تدق دفوف الفرح في القلوب، وتتقدم الخطوات صوب الجوامع والمصليات ليلتقي الأحبة والأحضان تسبقهم نحو التهاني والتبريكات، ثم تحين ساعة اللمة حول مائدة العيد وصواني الذبائح تفترش السفرة باكراً على غير العادة، لكنها عادة العيد السعيد!


ما أحوجنا اليوم لبهجة كهذه.. فالوباء رمى بظلاله على شبابيكنا مشكّلاً هالة خوف على مظاهر تبدو قابلة للاندثار.. فلا هو مفارق ولا هو ملازم والحال بين يدي رحمة رب العباد.

بأية حالٍ عدت يا عيد، وبيننا أحباب برحوا مقاعدهم وغابوا عن دنيانا، وغيرهم تقطعت السبل بهم في بلاد الغربة، فتوسدوا فراش الانتظار وأعينهم حبلى بالحنين؟

بأيةِ حال عدت يا عيد، وكلنا شوق لتقبيل جبهات كبارنا وأخذ الأحباب في الأحضان، وتوزيع العيدية على الصغار، والتنقل بين بيوت القربى والجار؟

بأيةِ حال عدت يا عيد، وأوطاننا العربية تئن وجعاً على جراح تأبى أن تندمل، ومشاهد صراعٍ تتربع على محاجر الفراق والموت!