الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

المرتزقة.. ومن يدفع أكثر

منذ أيام قُتل رئيس «هايتي» داخل مقر إقامته، حيث أطلقت عليه 12 رصاصة، رغم أن رصاصة واحدة تقتل الإنسان، وأصيبت زوجته، وتبين أن القتلة مرتزقة جاؤوا من خارج حدود الوطن، كان هدفهم اختطاف الرئيس، ولما صعب عليهم ذلك قاموا بقتله، هذا الأسبوع ألقي القبض على مسؤول الأمن الرئاسي لشكوك في تواطئه.

قبله بحو شهرين قُتل رئيس تشاد في عملية عسكرية، إذ كان يتفقد قواته الأمامية على الحدود مع ليبيا، حيث تجمع بعض «المتمردين» مع مقاتلين «أجانب» أرادوا اقتحام العاصمة.

الواضح أننا أمام ظاهرة عالمية اسمها «المقاتلون الأجانب» أو «المرتزقة»، الذين يتم استئجارهم للقيام بأي عملية «قذرة» داخل أي بلد مستهدف أو تجاه حاكم يراد التخلص منه. بدأت هذه الظاهرة بدافع أيديولوجي في أفغانستان سنة 1979، كان الشعار المعلن «الجهاد»، وحمل المقاتلون مسمى «جهاديون»، ثم تبين أن الأمر كله عملية مخابراتية في صراعات الحرب الباردة، سُلمت إلى بعض مقاولي «التنفيذ»، وهكذا صار القتل والقتال على المكشوف، قتل للقتل ولحساب من يدفع أكثر.

الذين اجتاحوا الموصل عام 2014، لم يكن أغلبهم عراقيين، كان بينهم عناصر من الشيشان وغيرهم، الذين اقتحموا السجون المصرية مساء 28 يناير 2001 كان معظمهم غير مصريين، تسللوا عبر سيناء من الأنفاق بأسلحتهم، وفي ليبيا الآن هناك الكثير من المرتزقة، تطالب الحكومة الليبية بإخراجهم وتشاركها الأمم المتحدة المطلب نفسه.

في بعض القرى المصرية كان هناك دائماً شخص بغيض وكريه للجميع، مهنته قاتل بالإيجار، يتم كراؤه لعملية انتقام أو ثأر، وغالباً ما كان يتم قتله للتخلص من شروره، ولا تجد الشرطة في البحث عن قاتله، ويكتفي الناس بالقول «ربنا خلصنا منه».. هذه الظاهرة الفردية المنكرة والتي ربطها البعض بضعف دولة القانون وربطها آخرون بالتخلف الاجتماعي والفقر، صارت الآن ظاهرة دولية تقف خلفها أجهزة مخابرات وشركات عابرة للحدود وأحياناً قادة دول، الرئيس الفرنسي السابق نيكولاس ساركوزي فعلها مع القذافي عام 2011.

والواضح أن هذه الظاهرة مرشحة للاستمرار، فبعض الدول الكبرى لأسباب ديمقراطية لا تريد أن تلوث سمعتها بالتورط مباشرةً في عمليات اغتيال، وإزاحة خصم ما أو الإطاحة بحكومة معينة، فعلتها المخابرات الأمريكية مع د. محمد مصدق في إيران سنة 1953، وفي إيطاليا ضد الحكومة الاشتراكية.

الآن بات ذلك صعباً، لذا سيزداد الطلب على هؤلاء المرتزقة مع تعدد الأطراف الدولية والإقليمية وكذلك المحلية، الطامحة نحو دور أكبر ومغانم أعظم.