الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

الحب.. لمن هب ودب

عندما تسمع أو تقرأ كلمة الحب تقفز إلى الذهن فورا علاقة الرجل بالمرأة خصوصا إذا كانا أجنبيان عن بعضهما، وهذا اختصار مخل طغت فيه الدلالة على المعنى كما في كلمات ومصطلحات كثيرة حلت فيها الدلالة محل المعنى.

هناك فيلم مصري شهير عنوانه «لا وقت للحب» يدور حول فتاة أحبت شابا لكنه كان مشغولا عنها بمقاومة الاحتلال البريطاني لمصر، ولم يكن عنده وقت لحبها، وهذا يعني أن فن التمثيل رسّخ لدينا أن الحب هو علاقة بين الرجل والمرأة، وإذا عرفنا المعنى الصحيح للحب بعيدا عن هذه الدلالة الضيقة لكان العنوان الأوفق للفيلم هو «كل الوقت للحب».

ليس هناك أعظم من حب الوطن والانشغال بقضاياه، ويقولون إن الحب أنواع، حب الوطن وحب الوالدين، وحب الإخوة والأصدقاء، والحق أن الحب واحد وكل لا يتجزأ، ولا يمكن أن أصدق أو يصدق أي عاقل أن العاق لوالديه أو الخائن لوطنه يمكن أن يحب عشيقته، فهي فقط علاقة حسية ورغبة وغريزة.


ورد الحب في القرآن وأحاديث رسول الله صلى الله عليه بمعناه الأوسع والأشمل مثل قوله تعالى: «لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ» آل عمران – 95، وغيرها من الآيات، وورد في الإنجيل «الله محبة وأحبوا أعداءكم»، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه»، والرجلان المتحابان في الله من السبعة الذين يظلهم بظله يوم القيامة، ومعنى ذلك أن العقائد كلها تدعوا إلى الحب بمعناه الواسع والشامل.


في زماننا هذا إذا قال لك أحد إنه يحبك، فالاحتمال الأكبر أنه كاذب، و إذا قال لك إنه يكرهك فالاحتمال الأكبر أنه صادق، فنحن لا نرى صدقا وإخلاصا إلا في الشر، بينما لا نرى سوى الكذب والمراوغة في الخير، وعلى المرء أن يتكلم كما يشاء فليس على الكلام جمارك أو ضرائب ولا يمكن الحكم على الكلام بأنه صادق أو كاذب، ولكن الحكم بالصدق أو الكذب على الأفعال، وكما قال الشعر الطغرائي قبل أكثر من ألف عام..

غاض الوفاء وفاض الغدر

واتسعت مسافة الخلف بين القول والعمل

عندما اتسعت هذه المسافة صار الحب لمن هب ودب!