السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

حاملو الشهادات العُليا والبطالة

تحصي الجزائر أزيد من 22 ألف دكتور في وضعية بطالة، حسبما كشف عنه مسؤول نقابة الأساتذة الجامعيين «المجلس الوطني لأساتذة التعليم العالي». ويوجد في مرحلة الإعداد لشهادة الدكتوراه أكثر من 64 ألف طالب، وبدون شك فإن هؤلاء أيضاً يهددهم المصير ذاته.

وتفتخر الحكومة بأن الجزائر تخرّج سنوياً ما يقارب ربع مليون طالب، بين حملة البكالوريوس وحملة الماستر، لكن السؤال المطروح هو: أين يذهب هؤلاء وما هو مصيرهم؟

فالخريجون من بعض القطاعات التي ترغب فيها الدول الغربية في إطار «الهجرة الانتقائية» يهاجرون، خاصة الطب والإعلام الآلي، وتستقطب فرنسا آلاف الحاملين لهذه الشهادات، ويفوق عدد الأطباء الجزائريين في فرنسا والمتخرجين في الجامعات الجزائرية 20 ألف طبيب، وبدأ الآن الأطباء الشباب يتجهون نحو ألمانيا أيضاً. أما حملة شهادات الإعلام الآلي فيتوجهون لعدة دول منها كندا. ولكن الهجرة الشرعية لا تستوعب كل الراغبين، ما يفتح الباب أمام الهجرة غير الشرعية.


وقد أطلقت وزارة التعليم العالي ورشة لإصلاح «نظام الدكتوراه» حيث شهدت السنوات الأخيرة، ظاهرة «تفريخ التخصصات» المكونة للدكتوراه، وبالتالي ارتفاع عدد المتخرجين، بدون الحديث عن مستوى العديد منهم.


وسبق لي أن كتبت في «الرؤية» مقالاً بعنوان «دولة التلاميذ» أشرت فيه إلى وجود 8 ملايين تلميذ يتمدرس في الجزائر (الابتدائي، المتوسط والثانوي)، ولأن البلاد لا يوجد فيها ما يكفي من مؤسسات التشغيل لاستقطاب الراسبين في شهادة البكالوريا، واحتياطاً من استقطابهم من طرف الجماعات غير المرغوب فيها (إرهاب، مخدرات)، فتقرر رفع نسبة النجاح في البكالوريا لنحو 60%، وأصبحت توصف سياسياً باسم «البكالوريا السياسية»، وقد يكون ذلك مقبولاً بالنسبة لتلاميذ تقل أعمارهم عن 17 سنة، ليتم الدفع بهم إلى نحو 100 جامعة تحصيها الجزائر.

غير أن البلاد لا تملك الخيارات للتعامل مع المتخرجين الجامعيين، وهي تضم ما معدله 2 مليون طالب جامعي، يتخرج منهم سنوياً 250 ألف طالب من حملة البكالوريوس. والحل إما السماح لغالبيتهم بمواصلة التعليم العالي أي الماستر والدكتوراه، أو فتح المجال للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة لامتصاص العدد الهائل من الخريجين.

وتحتاج الجزائر إلى ما لا يقل عن 10 ملايين مؤسسة من هذا النوع، بينما لا تملك حالياً سوى نحو مليون مؤسسة، لكن البيئة الاستثمارية تعرقل ذلك. وهكذا من المتوقع أن يصبح البطاليون الحاملون للشهادات فاعلين خطيرين.