الاثنين - 20 مايو 2024
الاثنين - 20 مايو 2024

كهرباء دولية

في عام 2006 تم الانتهاء من تنفيذ الشبكة الوطنية للكهرباء، والتي تربط الأربع هيئات العاملة في دولة الإمارات. بعدها بثلاثة أعوام، دخل الربط الكهربائي لدول مجلس التعاون الست مرحلة التشغيل التجاري معلناً عن بدء مرحلة جديدة من التكامل بين هذه الدول.

ولاستعراض فوائد الربط الكهربائي، وبلغة بعيدة عن المصطلحات الفنية البحتة، فبإمكاننا تشبيه الشبكة الكهربائية بالعجلة، فكلما كبرت هذه العجلة صَعُبَ إيقافها عن الدوران، كما يوفر الربط على شركات الكهرباء تكاليف إنشاء محطات توليد جديدة لمواكبة الزيادة في الطلب باستيراد الكهرباء من الشبكات المجاورة لسد العجز عندها.

ويساهم الربط أيضاً في تجاوز ساعات الذروة وتخفيف الضغط على الشبكات بدعم بعضها لبعض مستفيدة من فارق التوقيت، فساعة الذروة عندنا في الخليج في فصل الصيف تكون قرابة الساعة الثانية بعد الظهر، ومعني ذلك أن منحنى الاستهلاك في دبي سيصل ساعة الذروة قبل مدينة الرياض بساعة، ما يسهل تبادل الطاقة الكهربائية بينهما، والجدير بالذكر هنا أن التبادل الكهربائي بين الشبكات يخضع لما يُسمى باتفاقيات الشراء والتي تحدد أسعار الطاقة وكميات الكهرباء الخاضعة للتبادل سلفاً.


في أكتوبر من هذا العام حدث تطور لافت بتوقيع السعودية ومصر لاتفاقية الربط الكهربائي بينهما، كما أعلنت مصر عن خططها بالربط مع القارّة الأوروبية من خلال كابلات بحرية من خلال دولتي قبرص واليونان، ما يعني عملياً ارتباط الشبكة الكهربائية الخليجية بالشبكة الأوروبية الموحدة، وتعد الشبكة الأوروبية الموحدة من أكبر الشبكات الكهربائية في العالم من حيث الطاقة المركبة بحجم 667 غيغاواط، حيث تغذي هذه الشبكة أكثر من 400 مليون مستهلك في أربع وعشرين دولة.


بالإضافة إلى ذلك يُعد الربط مع القارة الأوروبية ذا جدوى اقتصادية وفنية كبيرة لاختلاف أنماط الاستهلاك بينها وبين دول الخليج، فذروة الأحمال الكهربائية في الدول الأوروبية في فصل الشتاء بينما في دول الخليج هي فصل الصيف، ما يسمح للطرفين بتبادل الطاقة بينهما على قاعدة رابح - رابح، وكما يمكن لدول الخليج تأمين جزء غير يسير من احتياجاتها المستقبلية من الطاقة بالاستثمار في مزارع الرياح والسدود المائية لإنتاج الكهرباء والمتاحة بوفرة في القارة الأوروبية.

إن المستقبل يكمن في ابتكارات الطاقة المتجددة وتطبيقاتها العملية لاعتبارات بيئية ومناخية واقتصادية، وإن موضوع الاستدامة لم يعد مسألة عنواين جذابة للمؤتمرات والمعارض بل أصبح حاجة ملحة لتحديد مستقبل الإنسان على هذه الأرض.