الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

المزرعة والديمقراطية

تساؤلات عدة لها ما يبررها من وحي بطولة الأمم الأفريقية التي تقام حالياً بالكاميرون، ماذا يحدث في القارة السمراء؟ وهل من أمل في أن نرتقي يوماً من الناحية التنظيمية للدول الأوروبية، أو الآسيوية؟ هذه التساؤلات تنطبق على القارة السمراء، وشقيقتها اللاتينية، فأفريقيا وأمريكا اللاتينية «مزرعتان» لإنتاج وتصدير الموهبة الكروية الخام، على طريقة تصدير الدول الفقيرة للقطن، واليورانيوم، وغيرهما من الثروات، وخيرات الطبيعة، وتظل مهمة الإدارة والتصنيع والتلميع والتسويق وتحقيق المكاسب المليارية مرهونة بالعقل «الغربي» وتحديداً الأوروبي في الحالة الكروية.

أمريكا اللاتينية هي مارادونا وميسي والظاهرة رونالدو ورونالدينيو، وقائمة الإبداع بلا نهاية، وأفريقيا هي ويا وإيتو ودروغبا وصلاح، وغيرهم من النجوم الذين جعلوا للقارة السمراء مكاناً ومكانة في المحيط الكروي العالمي، ولكن من صنع هؤلاء؟ ومن نجح في جعلهم أشهر نجوم العالم؟ إنها أوروبا التي يجب أن نعترف بأنها قارة «كرة القدم» بمعناها الأكثر شمولاً، هي الإدارة والتخطيط والتصنيع والتسويق، ونحن في أفريقيا مجرد مزرعة، نملك الموهبة الفطرية والمواد الخام، ولكننا لم نرتقِ للقامة الأوروبية، أو حتى الآسيوية في النواحي الإدارية والتنظيمية.

من المؤكد أن قارئ هذه السطور يستدعي بصورة تلقائية الكارثة التحكيمية التي حدثت في مباراة تونس ومالي ببطولة أمم أفريقيا الحالية، والمشاكل التنظيمية والأمنية التي تطغى على الجانب الكروي في البطولة، والأكثر أهمية من ذلك أن أندية أوروبا صاحبة النفوذ والفضل في الوقت ذاته تشعر بالاستياء من مشاركة صلاح وماني ومحرز وغيرهم مع منتخبات بلدانهم في التحدي القاري.

نحن في نهاية المطاف مجرد تابع بكامل إرادة ورغبة لمن يتولون إدارة الكرة الأفريقية، حيث تذهب تلك التبعية للقوى الكروية الكبيرة، حيث نكتفي بتصدير ما تمنحه لنا الطبيعة من خيراتها ومواهبها، ونشارك في «لعبة الانتخابات»، حيث يصر الاتحاد الدولي لكرة القدم «الفيفا» على تطبيق مبدأ الديمقراطية، وهو لا يعلم، وقد يعلم أن من يتولون إدارة الكرة في أفريقيا، وكذلك في أمريكا اللاتينية لا تعنيهم سوى المصالح والتربيطات الخاصة، وهذا هو أصل الداء، أما الحديث عن الدواء فسوف يكون لنا معه وقفة أخرى.