الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

غوستاف هولست.. النوتة الفضائية



وجَد جثة راقدة هامدة صامدة فوق آلة البيانو في غرفة التدريب، ملطخة بدماء سوداء و«بيضاء» يتماشى لونها مع مفاتيح الآلة تماماً، ارتعدت فريصته، وخشي أن يتهمه بقية زملائه الموسيقيين بارتكابه لجريمة قتل، حاول الهرولة والهروب خارج الغرفة، ولكنه تعثر بأفكاره المبعثرة هنا وهناك، فسقط واقفاً متحجراً في مكانه، وغاصت قدماه حيث لا يستطيع تحريكهما، ولكن سرعان ما سمعه الجميع والتفوا حوله بذهولٍ عجيب، فسارع بتبرئة نفسه وإزالة شكوكهم الأكيدة بإخبارهم بصوتٍ مبحوح: (تلك الجثة حاولت قتل الحقد فقتلها!!) وهنا.. حدث ما لا يتقبله العقل حيث إنهم صدقوه ببساطة شديدة وبسرعة فائقة بل لم يعترضوا حتى على كلامه مطلقاً، الأمر الذي جعله يندهش ويتعجب كثيراً من ردة فعلهم غير المسبوقة، وبالتالي لم يفهم مطلقاً السبب وراء تصرفهم اللامنطقي وغير الطبيعي، فلطالما كانت اتهاماتهم الباطلة ضده لا تتوقف، ولطالما كانت أساليبهم الملتوية معه لا تعتدل، والأهم من كل هذا أن أحقادهم القاتلة لا ولم ولن تموت، وبالرغم من ذلك لم يكترث لهم بل ابتسم بمرارٍ ظناً منه أنه يبتسم انتصاراً وإن كان نصره مؤقتاً أو ربما نصراً كاذباً ثم غادرهم آفلاً، بعدما فرد جناحيه وطار من النافذة إلى منزله بسلام! آنذاك فقط فهم من الذي مات! وتأكد من هوية الجثة المقتولة! خاصة عندما لم يستطع رؤية انعكاسات مرآته!

غوستاف هولست كان المؤلف والموزع المبدع والمعلم المعاصر والملحن المواكب، واشتق إلهامه حتى من الفلك

(غوستاف هولست) الموسيقار الانجليزي الشهير، الذي عانى من الحقد الكثير، كان المؤلف والموزع المبدع والمعلم المعاصر والملحن المواكب، الذي اشتهر بمجموعة أوركسترالية عن المجموعة الشمسية باسم «الكواكب»، حيث اشتق إلهامه من مصادر متنوعة مثل الفلك، فاعتلى عرش التميز والإبداع مثل الملك، إلى أن طاردته الأحقاد حيثما سلك، ورصدته أعين الحساد على كل ما امتلك، وفي كل ما ملك، واستمروا هكذا إلى أن خارت قواه وهلك.
يقال إن سبب وفاته مرض في المعدة، وكذلك يقال إنه توفي نتيجة لقصورٍ في القلب بعد أن التهمته الأيام، ففي سنواته الأخيرة، بات أسلوبه الموسيقي الجسور، يثير حفيظة البعض، وبالتالي هاجموه بالنزف والكسور، فأصيب العديد من محبيه بالتقشف، ولم ينفع معهم التحسر، فانخفضت شعبيته بشدة، وتجاهلوا ألحانه لسنواتٍ عدة، واستمرت الحال على هذه الأهوال، حتى مطلع ثمانينات القرن العشرين، لتزهر تسجيلاته عقب مماته كزهرة تشرين.