الاثنين - 20 مايو 2024
الاثنين - 20 مايو 2024

«باص السينما».. يعوِّض أطفال غزة غياب دور العرض

«باص السينما».. يعوِّض أطفال غزة غياب دور العرض

الأطفال خلال حضور أحد العروض في باص السينما (الرؤية)

بألوانه الزاهية وشكله الغريب يحلق أطفال حول باص لاستكشاف معالم غير مألوفة لديهم ينظرون بعجب إلى جوانبه الزاخرة بالألوان والرسومات التي أحبوها وأعلاه المغطى بألواح الطاقة الشمسية.

الباص يجوب قطاع غزة تُعرض داخله أفلام لمختلف الفئات العمرية أطلقته جمعية شباب المستقبل وبتمويل من الاتحاد الأوروبي وأسمته «باص السينما».



يجلس الأطفال داخله بكل هدوء وسكينة منتظرين إعلان بدء عرض أول فيلم سيشاهدونه خارج شاشات التلفاز في منازلهم حاملين أكياس الفشار محدقين بشاشات العرض ويبدؤون العد التنازلي 3-2-1-ابدأ.

"باص السينما" فكرة ضمن مبادرة شبابية تسعى إلى تعزيز القيم وغرس الفضائل عن طريق أفلام الرسوم المتحركة، أطلقتها جمعية شباب المستقبل في قطاع غزة، إلى جانب أنها محاولة للتفريغ النفسي لأطفال تعرضوا عبر سنوات عمرهم القليلة لحروب وآلام فاقت قدراتهم.



ويشتغل باص السينما بالطاقة الشمسية، حيث يمكن لفريق العمل تشغيله وعرض الأفلام دون الحاجة إلى تيار كهربائي في ظل أزمة الكهرباء التي يعاني منها قطاع غزة، بالإضافة إلى أنه يمكن أن يصل إلى مناطق قطاع غزة كافة.

وقال منسق مشروع باص السينما محمود الهرباوي لـ«الرؤية» إنه «جرى تصميم باص السينما بتفاهم وتوافق بين فريق المؤسسة والفريق المصمم والمنفذ من خبراء ومهندسين، بعد وصول الباص كما أي باص من الخارج، وهنا في القطاع جرى تنفيذه بالكامل».

وأضاف: «باص السينما مجهز بشاشة عرض داخلية وشاشة عرض خارجية. العرض الداخلي يتسع لعدد 60 من الحضور من الأطفال أو الشباب أو الطلائع وثلاثة من أصحاب الهمم فئة الإعاقة الحركية»، يعني ما معدله 63 راكباً، ويمكن أن يشاهد أضعاف هذا العدد الفيلم خارج الحافلة.



وأوضح الهرباوي: "العرض الخارجي هو عبارة عن شاشة بروجكتور خارجية، تأخذ أكثر من مستوى في العرض، إذ يمكن أن يكون المستوى عالياً جداً إذا كان عدد الحضور أكبر وإذا كانت هناك مساحة تكفي لحضور 500 شخص خارج الباص".

ولا يوجد في قطاع غزة أي دور للسينما منذ خمسينيات القرن الماضي حيث كانت تزدهر في القطاع بشكل كبير ولكنها أغلقت أبوابها بعد أن اندلعت شرارة الانتفاضة الفلسطينية الأولى نهاية عام 1987م، وجرى بعد دخول السلطة عام 1994 محاولة لإصلاحها وإعادة افتتاحها دون جدوى ليظل القطاع دون أي دار سينما.

ويضطر سكان غزة، الذين لم تتح لهم فرصة مغادرة القطاع منذ ذلك الحين، إلى الاستمتاع بمشاهدة الأفلام عبر التلفزيون من منازلهم.



وأشار الهرباوي إلى أنه جرى تنفيذ فكرة «الهيدروليك» التي تقوم على توسيع الباص متراً من كل اتجاه، وتوفير طاقة شمسية لتشغيله ومصعد لأصحاب الهمم وأجهزة إنذار وأمان للأطفال وكاميرات مراقبة وباب أمان خلفي في حالات الطوارئ وأجهزة تكييف.

وقال "إن تجهيزات الباص بهذا الشكل ساعدت على التغلب على كثير من الصعوبات التي واجهت المشروع والتي من أبرزها كيفية دخول الباص إلى القطاع وبمساعدة من الاتحاد الأوروبي تم دخوله وتشغيله".



ولقيت فكرة الباص استحسان وإعجاب الكثيرين، فيما تمكن قرابة 28 ألف شخص من مشاهدة الأفلام التي يعرضها الطاقم من داخل الحافلة، وذلك بفضل مشاركة الباص في مبادرات ورحلات وأيام ثقافية في مختلف مناطق القطاع.

وأوضح الهرباوي أن مشروع باص السينما، يهدف إلى عرض أفلام سينمائية في ظل عدم وجود سينما متحركة أو ثابتة في قطاع غزة، مؤكداً أن الأفلام هادفة، ومنها ما يدعو إلى نبذ العنف ويدعو إلى التسامح وتعزيز القيم الأخلاقية لدى مختلف الشرائح خاصة الأطفال.



ونوه إلى أن باص السينما حقق نجاحاً كبيراً وحظي بإعجاب الكثيرين، ويخرج باستمرار للمشاركة في أنشطة ومبادرات ومخيمات، ويقدم عروضاً مميزة وسلسلة من الأفلام الثقافية التوعوية الجميلة.