الاحد - 28 أبريل 2024
الاحد - 28 أبريل 2024

محلل اقتصادي ومنتج: الكوميديا رأسمال السينما العربية و«الأكشن» و«الوطني» رهان مضمون

لطالما ظلت إجابة سؤال: ما الذي يريده الجمهور؟ أمراً يحير كل منتج وموزع سينمائي منذ أن ظهرت السينما، حيث تحاول معظم الأفلام الإجابة عن هذا السؤال الصعب. من لديه الإجابة الصائبة يربح الملايين، ومن يفشل في الإجابة يفلس أو يترك المهنة مبكراً.

خلال السنوات الماضية تعرضت صناعة السينما المصرية لعدد من المفاجآت والصدمات التي دفعت القائمين على الصناعة إلى إعادة النظر في مسلماتهم حول ما يريده الجمهور.

وأكد محلل اقتصادي متخصص في السينما لـ«الرؤية» أن الأفلام التي باتت تحقق إيرادات عربياً تتمحور حول الكوميديا والأكشن وأخيراً الرعب، مشيراً إلى أن ذوق الجماهير في الفترة الأخيرة بات أكثر ميلاً لسينما الأكشن التي تدور في إطار وطني.

من جانبه، رفض منتج سينمائي نظرية «الجمهور عايز كده»، حيث يرى ضرورة أن تكون الإنتاجات السينمائية موجهة لذوق الجمهور، مؤكداً أن السوق يحتاج الآن أيضاً إلى أفلام جديدة غير متوقعة، تناقش قضايا عصرية.

مفاجأة كبيرة



في العام الماضي، مثلاً، حقق فيلم «الممر» للمخرج شريف عرفة مفاجأة كبيرة في شباك التذاكر، حيث احتل المركز الأول واقتربت إيراداته من 100 مليون جنيه، وهو أول فيلم حربي وطني يحقق هذا النجاح منذ أيام «الرصاصة لا تزال في جيبي» الذي عرض في احتفالات الذكرى الأولى لحرب أكتوبر 1973.

هذا النجاح كشف عن عدة حقائق، منها أن الأفلام ذات التوجه الوطني يمكن أن تنجح، وأن هناك جمهوراً كبيراً لها بشرط أن تكون جيدة الصنع، وهو ما دفع المسؤولين إلى إنتاج المزيد من هذه الأعمال سواء كأفلام أو دراما تلفزيونية، خاصة بعد نجاح مسلسلي «الاختيار» بجزئيه.

وفي بداية 2021 حقق فيلم «وقفة رجالة» مفاجأة بتحقيقه إيرادات كبيرة تقترب من 25 مليون جنيه في مصر وكانت المفاجأة الأكبر تحقيق الفيلم إيرادات كبيرة جداً في بعض الدول العربية مثل الإمارات والسعودية.

"وقفة رجالة" فيلم كوميدي خفيف، يشارك في بطولته ماجد الكدواني، بيومي فؤاد، سيد رجب وشريف دسوقي ومحمد سلام، وأي من هذه الأسماء لا يمكن أن يحمل فيلماً على كتفيه بمفرده، أو يفرض لفيلم سعراً مرتفعاً في سوق التوزيع.

رعب وغموض



منذ سنوات حقق فيلم «الفيل الأزرق» للمخرج مروان حامد أعلى الإيرادات، وفي العام قبل الماضي حقق «الفيل الأزرق 2» إيرادات أعلى من الأول، متخطياً حاجز المئة مليون جنيه.

وشجع «الفيل الأزرق» بجزئيه المنتجين على صنع مزيد من نوعية الرعب والغموض، التي لم تكن تنجح عادة في السوق المصري منذ 10 سنوات خلت.

وهذا العام حقق فيلم الرعب تحت الماء «ماكو» للمخرج محمد هشام الرشيدي مفاجأة كبيرة في شباك التذاكر محتلاً المركز الأول لأسابيع، على الرغم من أنه لا يحتوي على أسماء نجوم شباك.

ومن ناحية ثانية عاد محمد هنيدي إلى دائرة النجاح مجدداً بفيلم «الإنس والنمس» الذي اقتربت إيراداته من 50 مليون جنيه، وهو أول فيلم ينجح لهنيدي منذ أكثر من 10 سنوات!

فوارق دقيقة



يقول المحلل الاقتصادي المتخصص في السينما محمد حسين تعليقاً على الأفلام السابقة إن النوعيات المطلوبة عادة في السوق المصري والعربي هي الحركة والكوميديا والرعب، وهي الأنواع الأكثر نجاحاً في شباك التذاكر عالمياً، ولكن هناك فوارق دقيقة ينبغي الاهتمام بها، فنجاح «وقفة رجالة» مثلاً يشير إلى أن الجمهور بدأ يهتم بنوعيات جديدة لم يكن يبالي بها من قبل مثل «كوميديا الكبار»، التي تدور حول شخصيات كبيرة سناً، ففيلم «وقفة رجالة» يدور حول عدد من الرجال المسنين.

ويتابع: في الماضي لم يكن هذا السن ناجحاً لا في الكوميديا ولا غيرها، ولكن ذلك في طريقه إلى التغير.. كذلك يشير نجاح فيلم «العارف» واحتلاله المركز الأول لإيرادات العام إلى أن الأكشن لم يزل ناجحاً، ولكن توجد فروق دقيقة أيضاً، مثل تحبيذ الجمهور للأكشن المدعم بموضوع وطني.

أفلام غير متوقعة



على العكس، يرفض المنتج حسين القلا نظرية «الجمهور عايز كده»، ويرى أن المنتج الفنان يجب أن يكون سابقاً لذوق المشاهدين وموجهاً له، ولا يكتفي بالسير وراء الجمهور.

حسين القلا قدم عدداً من كبار المخرجين في التسعينيات، وهو منتج فيلم «أوقات فراغ» إخراج محمد مصطفى، 2006، الذي لعب بطولته شباب جدد، في عز هيمنة سينما الكوميديا والأكشن، وحقق الفيلم مفاجأة كبيرة في شباك التذاكر وأطلق نجومية عدد من أبطاله مثل أحمد حاتم وكريم قاسم. وهو فيلم يناقش مشكلات المراهقين في بداية الألفية بشكل جريء، بالنسبة للسينما المصرية وقتها.

يرى حسين القلا أن السوق يحتاج الآن أيضاً إلى أفلام جديدة غير متوقعة، تناقش قضايا عصرية مثل انتشار السوشيال ميديا بشكل عشوائي وخطير على مراهقي وشباب اليوم.

وما بين السير وراء ما يريده الجمهور، واستباق هذا الذوق بتقديم أفلام غير متوقعة، تصنع ذوق الجمهور ولا تكتفي بمغازلته، يظل السؤال قائماً وتظل الإجابة عنه هي أنه لا توجد إجابة وحيدة كافية.