الجمعة - 03 مايو 2024
الجمعة - 03 مايو 2024

«جميل جداً».. دراما خليجية بأيادٍ محلية

يحمل المسلسل السعودي «جميل جداً» فكرة جميلة جداً وجرعة كبيرة من الكوميديا بالرغم من موضوعه «الكئيب».

المسلسل الذي أنتجته مجموعة mbc وبدأت منصة "شاهد VIP" ببثه بمعدل حلقة أسبوعياً من بطولة سارة طيبة، وهي أيضاً صاحبة فكرته وكاتبة السيناريو بمساعدة مخرج العمل أنس باطهف يحمل أيضاً تجربة إبداعية وإنتاجية ناضجة وممتعة لفريق من الفنانين الشباب الواعدين.

يستخدم المسلسل «ثيمة» الغيبوبة التي دخلت فيها البطلة لمدة 5 سنوات ثم أفاقت لتجد أن العالم كله تغير حولها، ليقول أشياءً كثيرة بشكل غير مباشر، عن العالم الذي بات يسير بسرعة جنونية وعن التغيرات الجذرية التي شهدتها، وعما فعله «كوفيد-19 المستجد» بنفوس الكثيرين خلال شهور الحظر والخوف الطويلة التي نمر بها منذ عامين.

يدور المسلسل حول فتاة شابة اسمها «جميل» (وليس جميلة، بسبب خطأ موظف تسجيل البيانات في شهادة الميلاد)، تعيش في جدة مع والديها، تصاب في حادث سيارة وتدخل في غيبوبة لتستيقظ بعد 5 سنوات فتجد أنها أصبحت في الـ24 من العمر، وأن والدها اختفى وأمها تزوجت من رجل آخر، وحبيبها على وشك الزواج من أعز صديقاتها، وأنها، فوق ذلك، عليها أن تعود إلى المدرسة لاستكمال دراستها والحصول على الشهادة الثانوية فيما زميلاتها القدامى تخرجن من الجامعة والتحقن بالعمل.

تشعر الفتاة بالغربة في البيت، حيث لا تتقبل ما يبدو أنه بلادة أمها، وقسوة زوج أمها وسخافة ابنه الذي جاء ليحتل منزلهم، وفي المدرسة تشعر بغربة أكبر، بسبب النظام البارد والنفاق السائد، وتنمر زميلاتها الجديدات وتفاهتهن. حتى حجرتها الخاصة سلبت منها بعد أن رزقت أمها بمولود من زوجها الجديد، وليس هناك مكان آمن تشعر فيه بالأمان سوى حوض الاستحمام الخالي.

مع ذلك، فهذا الموقف المأساوي العبثي قادر على إثارة الضحك أيضاً من خلال الكتابة والإخراج وأداء الممثلين، خاصة من قبل سارة طيبة التي صاغت شخصية «جميل» بطريقة غير تقليدية، فهي لا تصورها كضحية ضعيفة، ولكن كفتاة متبرمة متمردة ترفض الخضوع للظروف المحيطة وتستخدم الحيلة والمقاومة المباشرة أو السلبية، ولإن المسلسل يروى من وجهة نظرها فهي أيضا تعلق على الأحداث وتخبر المشاهد بمشاعرها وأفكارها، ما يفجر المفارقة والفكاهة بين ما نراه على الشاشة وما نسمعه منها.

وينجح المخرج الشاب أنس باطهف في إشاعة هذا المزاج الكوميدي العابث في ثنايا العمل من خلال الديكور والألوان والموسيقى والمونتاج واستخدام الرسوم المتحركة أحيانا، بجانب أداء الممثلين، الذي يتسم بدرجة من الافتعال والتصنع (لا تصل لدرجة المبالغة إلا قليلاً) تحافظ على وجود مسافة وانفصال بين المشاهد والشخصيات، ما يجعل الكوميديا ممكنة حتى في أسوأ المواقف.

يضم المسلسل، بجانب سارة طيبة، عدداً من المواهب السعودية الشابة والكبار المخضرمين منهم سعد عزيز، رهف إبراهيم، نورا خورشيد، إسماعيل الحسن، سامي حفني، ندى المجددي، سمر ششة، شيرين باوزير، ريم الحبيب، دارين البايض، وغيرهم، وبجانب الممثلين يعتمد العمل بالكامل على مواهب محلية في العناصر الإنتاجية والفنية المختلفة، وهو ما يكشف عن تنوع وتطور واضحين في الدراما الخليجية، ويثبت أن قرار الشركة المنتجة بدخول التجربة مع هؤلاء الشباب كان صائباً.