السبت - 18 مايو 2024
السبت - 18 مايو 2024

مؤلفون: الكتابة تجارة ميتة.. وناشرون: استثمار جيد يحتاج لصبر وتخطيط

مؤلفون: الكتابة تجارة ميتة.. وناشرون: استثمار جيد يحتاج لصبر وتخطيط

تباينت آراء كُتّاب وناشرين حول جدوى الاستثمار في قطاع النشر بين من يراها تجارة ميتة ومن يرى أنها قطاع جيد للاستثمار لكنه فقط يحتاج إلى الصبر والتخطيط الجيد والرهان على الكتّاب الموهوبين والمعروفين.

وأكد كتّاب لـ«الرؤية» أن نسبة المؤلف من الربح لا تتعدى الـ15% في أحسن الأحوال، منوهين حتى لو حدث وحصل على ربح فإنه يعتبر رمزياً لا يستطيع أن يعتمد عليه الكاتب كمصدر لدخله، الأمر الذي يدفعه إلى البحث عن مصدر للدخل وهو ما يؤثر في النهاية على تفرغ الكاتب للعملية الإبداعية.



ربح رمزي

يتفق الكاتب الإماراتي جاسم عبدالرحيم، مع الآراء التي تقول إن الكتابة ليست مربحة، واصفاً إياها بالشغف والرسالة للبشر.

وعن الأمور المادية، أكد عبدالرحيم أنه غالباً ما يُدرج بنداً في العقود المبرمة مع دور النشر بعدم الإفصاح عن أي تفاصيل، ولكن ما يعلمه أن دار النشر التي ينتمي لها توحّد نسبة الفائدة بين الكتاب، ولا تميز واحداً عن الآخر مهما كان، وفي الغالب يكون مبلغ الربح رمزياً جداً.

تجارة ميتة

وصف الكاتب الإماراتي عبيد بوملحة صناعة النشر بـ«التجارة الميتة»، مؤكداً أنه لولا المبادرات الحكومية لما تواجد أي ربح فعلاً، مشيراً إلى أن قطاع النشر والكتابة عموماً يواجه مشاكل كثيرة، نتيجة العزوف عن القراءة، لافتاً إلى أن الطباعة في كثيرٍ من الدول العربية تكون بحسب الطلب.

ويضيف بوملحة: «الخلل مشترك في عملية نجاح النشر من فشله في الوطن العربي، مؤكداً أن أقل مكتبة تأخذ 50% من سعر الكتاب المعروض، كما أن هناك بعض الموزعين يشترطون 75% من سعر الكتاب ليصل إلى نطاق أوسع، وفي حال احتساب 50%، يتبقى لدار النشر 50%، يُقتطع منها رسوم الطباعة والتصميم، والغلاف والتدقيق، والتحرير وإيجار المكاتب والموظفين والمستودعات وتكاليف السفر إلى معارض الكتاب وغيره».

ولفت إلى أن توجه دور النشر لإصدار كتب للمشاهير جاء بهدف البحث عن الربح، مؤكداً أن هناك حاجة في الإمارات في الوقت الحالي لصناعة نجوم في مجال الكتابة، داعياً إلى استحداث تصنيف واختبارات للأشخاص قبل البدء في خوض مجال الكتابة.

استغلال الكاتب

رفض الكاتب البحريني جعفر السلمان، اعتبار الكتابة مصدراً للدخل، مؤكداً أنها غير مربحة بالمرة ولا يمكن الاعتماد عليها، معترفاً بأنه شخص محظوظ لم يضطر للدفع مقابل النشر، مشيراً إلى أن حظه الجيد أوقعه في طريق دار نشر تبنت عمله الأول.

ولفت إلى أن النسب التي يحصل عليها الكاتب، تختلف باختلاف الدار ونوعية الإصدار، منوهاً بأن النسبة المتعارف عليها تكون في حدود 10% من أرباح الكتاب.

وأكد أنه ورغم وجود دور نشر محترمة، فإن هناك من يستغل الكاتب، بل إن بعض الدور تطبع كميات أكبر من المتفق عليها، وتبيعها خالصة لها.

وأشار السلمان إلى أن هناك مشاكل عدة تواجه قطاع النشر، بداية بجائحة كورونا، التي قللت عدد المعارض، والتضخم الحاصل في بعض البلدان الذي أدى إلى تضاؤل القدرة الشرائية، أما المشكلة الأكبر برأيه فتتمثل في الانتقال من النشر الورقي إلى الإلكتروني، وهو أمر يهدد بتغيير صناعة النشر للأبد.

سياسة خاصة

يتساءل الكاتب السعودي حزام بن راشد، هل تستطيع دور النشر الاستمرار إذا لم تكن تربح؟ وإذ لم تكن تربح فلماذا نسمع كل فترة وأخرى عن افتتاح الكثير من دور النشر؟ مشيراً إلى أن الكاتب المبتدئ يضطر إلى دفع مبلغ معين حتى يتمكن من النشر وبعد ذلك يُحكم عليك من النتائج، وهو ما حدث معه.

ولفت إلى أنه بدأ مع دار النشر بنسبة ربح 10% ثم مع زيادة المبيعات وتحقيق النجاح أصبحت 15% وارتفعت بعدها أكثر.

ويضيف حزام: «لكل دار نشر سياسة خاصة بها، والدار التي تحترم نفسها هي التي تحترم الكلمة والحرف، أما بالنسبة لموضة مشاهير مواقع التواصل الكُتّاب، فأظن أنها فاشلة ويمكن البحث والتأكد، فالكتابة تحتاج إلى موهبة، وليس الاعتماد على عدد المتابعين فقط».

خطة عمل

أكد عبدالله الدليمي كاتب ومدير تسويق في دار نشر «خطوة» من الكويت، أن لكل دار نشر شروطها الخاصة، والتي تختلف باختلاف الإدارات، مؤكداً أن هناك حاجة لزيادة التشريعات التي تحمي (الكاتب وحقوقه) أو (دار النشر وحقوقها).

ولفت الدليمي، إلى أن من المشاكل التي واجهها القطاع مؤخراً هي عدم الالتفات لدور النشر ومتطلباتها في ظل جائحة كورونا أو دعمها خلال الأزمة، متمنياً أن تضع الجهات المسؤولة خطة عمل لدعم دور النشر والكتاب من أجل استمرار هذه الصناعة.

استثمار مربح

على خلاف الآراء السابقة، أكد عبدالوهاب الرفاعي، مدير دار نشر «نوفا» الكويت، أن الاستثمار في قطاع النشر مربح مادياً ولكنه يحتاج إلى الصبر والمثابرة والانتقاء، مؤكداً أن هناك نقصاً في المواهب الحقيقية.

وشدد الرفاعي على أن المشهد الثقافي تأثر كثيراً بفترة كورونا، وعرف ركوداً غير مسبق، لكنه يعتقد أن دور النشر المهتمة بالشباب خاصة في الخليج قد غيرت منظور الثقافة وأحيتها.

وذكر الرفاعي أن مصدر دخل دور النشر يختلف من الواحدة للأخرى، فهناك من يعتمد على الدعم، وهناك من يوجه مطبوعاته للمؤسسات، وآخرون يعتمدون على البيع، لافتاً إلى أنه في دار «نوفا» لا يأخذ مالاً من الكاتب بل يعتمد على المبيعات، الأمر الذي قد يعرضه للخسارة في أي وقت، لكن الرهان يكون على الكاتب الناجح والمعروف.

أما فيما يخص الطباعة، فيقول الرفاعي: «بالنسبة لمتوسط الكلفة لإنتاج كتاب متوسط الحجم، فهي تختلف من دولة إلى أخرى، إلا أن الكلفة في دول الخليج قد تكون مرتفعة، فما يكلف في الكويت 1000 دولار قد يكلف في مصر 500 دولار».