الجمعة - 17 مايو 2024
الجمعة - 17 مايو 2024

كتاب وناشرون: صعوبة بيع الحقوق وغياب الثقة وثراء اللغة تعرقل الترجمة من «العربية»

كتاب وناشرون: صعوبة بيع الحقوق وغياب الثقة وثراء اللغة تعرقل الترجمة من «العربية»

دعا كتاب وناشرون في اليوم العالمي للغة العربية الذي يصادف الـ18 من ديسمبر من كل عام، إلى العمل على زيادة حركة الترجمة من العربية إلى اللغات الأخرى، مشيرين إلى أن الاهتمام منصب بصورة أكبر على الترجمة إلى العربية من لغات عدة، واصفين الترجمة من العربية إلى لغات أخرى بالحتمية، من أجل تقديم صورة حقيقية عن المجتمعات العربية بعيدة عن الصورة النمطية التي ترسخت في ذهن الآخر.

وعزوا في حديثهم مع «الرؤية» قلة النقل عن العربية إلى أن هناك حالة من عدم الثقة التي تسيطر على الكتاب والناشرين العرب الذين لا يثقون في قدرة المنتج العربي على إقناع الآخر ومنافسة كتاب الثقافات الأخرى على عقول أبناء جلدتهم، لافتين إلى أن هناك صعوبة في بيع حقوق النشر للكتب العربية، فضلاً عن أن ثراء اللغة العربية بمفرداتها يجعل اللغات الأخرى تقف عاجزة عن إيصال نفس المعنى، الأمر الذي يعطل حركة الترجمة من العربية.

وشددوا على أهمية الترجمة في دعم الحالة الإبداعية، كونها تسهم في إنعاشها إلى أقصى حد، علاوة على ما تخلفه من تمازج للثقافات، وتأثيراتها المشتركة.

تفسير بلسان الآخر



عرفت الأستاذة في النقد الدكتورة مريم الهاشمي، الترجمة بالتفسير بلسان الآخر، أو نقل الكلام من لغةٍ إلى أخرى مع المحافظة على التكافؤ، وشرط التحكم في كلتيهما، واحترام اللغة الهدف وإدراك ثقافتهما، بحيث لا يُمكن فك النص المراد ترجمته إلا باستحضار القاعدة الثقافية.

وأكدت أن الترجمة كانت ولم تزل تلعب الدور الإنساني الفارع في الإثراء بين الثقافات واللغات والمجتمعات؛ بل الأكثر من ذلك جعلت اللغات تصل إلى التسامح اللغوي بينها وبين اللغات الأخرى.

وأضافت أنَّه كلما كان التأثر كان التأثير، على الأقل في العصور السابقة الذهبية للأمة العربية أكثر من القرن الحديث، لمسببات كثيرة تاريخية وثقافية واقتصادية وسياسية، لكن نجد الاهتمام المنصب الأكثر اليوم هو محاولة لإعادة مكانة اللغة العربية عن طريق الترجمة كمبادرة من مبادرات المحافظة عليها.

وتابعت: وللوصول إلى ذلك وجب التمكن من الفعل الحقيقي للترجمة، وذلك من التمكن ليس اللغوي فحسب، والذي يتطلب معرفة الألفاظ واشتقاقاتها ومعانيها ودلالاتها والتراكيب والمختصرات، وإنما الثقافي والأيدلوجي بين اللغات؛ للوقوف على الاختلافات الثقافية والحضارية المتمايزة بينها.

درر كامنة



وعزت الكاتبة نوف الحضرمي، قلة ضعف الترجمة من العربية إلى أن لغة الضاد التي توصف بأنها (البحر في أحشائه الدر كامن) تزخر بكلمات ومعانٍ فريدة وفنون وأساليب مختلفة، لا تستطيع أي لغة كانت أن تستوعبها، مشيرة إلى أن تأثير الترجمة سيهدم التعبير اللغوي والترادف والمعنى الحقيقي، فاللغة العربية بحرٌ يمتد به محيطات ومعانٍ كثيرة، ووجود الترجمة سيُؤثر على الشعور المعرفي ورغبة القارئ الواعي والمفكر نحو المعرفة.

وأشارت إلى أنَّ دلالات التعبير ليست قوية كما تكتب، فمشاعر الإنجليزية ومعانيها تختلف عن الأحرف العربية، فلسان العرب يكتب بمشاعر تصف بأكثر من شعور، والإنجليزية تبسط الشعور، موضحة أنَّ من الصعب أن نجد عملاً أدبياً عربياً مترجماً باللغة نفسها والشعور الذاتي في صياغة التعبير، فاللغة العربية ستبقى أصيلة وضماناً حقيقياً لإيجاد المعرفة والوصف والتعبير القوي بالمفردات واللغة والاصطلاح بين سطور المعرفة، ودرجة استيعاب المعنى.

ونوهت بأنَّ الكلمة المترجمة تحتاج وقفات تأمل ومراجعة ذاتية للوصول إلى الشعور الموصوف في اللغة المترجمة، مشيرة إلى أنَّ الأثر الأدبي هو أثر حاصل بالحقائق اللغوية ولغة جسد الحروف الغربية على نمط الأدب العربي، لكن الأمر ليس بهذه السهولة، فالترجمة تحتاج روحاً ومشاعر حقيقة تكتب بمفهوم الكاتب الحقيقي نفسه.

إبداع عربي غائب

وقالت الناشرة آمنة سعيد، إنِّهم يلاحظون أن الترجمة من الأدب الغربي إلى العربية كثيرة جداً مقارنة بعدد قليل من الكتب والروايات العربية؛ لأنَّ المتلقي العربي يحب الكتب الأجنبية المترجمة، على الرغم من أن لدينا كتباً عربية لو تُرجمت إلى اللغات الأجنبية ستتفوق على الكتب الأجنبية.

وعزت قلة النقل من العربية إلى أن هناك حالة من انعدام الثقة بالنفس تتملك الكتّاب وبعض دور النشر التي لا تثق في قدرة الكتاب العربي على المنافسة، فنحن بحاجة لاهتمام أكبر، حتى نظهر للعالم كله معالم الحضارة والفكر والإبداع العربي.

فن وإبداع



يرى الناشر الدكتور غياث مكتبي، أنَّ الترجمة ينقُصها أدباء ومترجمون على مستوى عالٍ جداً، فالترجمة فن وإبداع، ويجب على الناشر العربي الاهتمام بالروايات والكتب التي نستطيع أن نترجمها، ويستفيد منها الغرب، خاصة مع وجود بعض الروايات والكتب دون المستوى المطلوب.

واعتبر مكتبي الترجمة جسراً للتعارف بين الثقافات المختلفة ينقل معارفها وعلمها، منوهاً بأنه لولا الترجمة لم تكن لتصل البشرية لما وصلت إليه، مشيراً إلى أن الترجمة أداة جيدة للانتشار وتعريف الآخر بثقافتنا، داعياً إلى تكثيف الترجمة من العربية إلى غيرها.

مشكلة الحقوق

أكدت الناشرة هالة عمر، أنَّ الشباب العربي يحبون اللغات الأجنبية، كما أننا كناشرين نجد صعوبةً في بيع الحقوق العربية لترجمتها إلى اللغات الأخرى، كما أن الغرب ليست لديهم ثقة في الكتب العلمية العربية، لكن نستطيع أن ندخل الثقافة العربية ونقنعهم بها عن طريق الروايات الجيدة.

وتوقعت أن نرى خلال الأعوام المقبلة بفضل الدعم اللامحدود من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشَّارقة، للأدب العربي والترجمة، أن يكون للأدب العربي وجود على الساحة العالمية والأدب العالمي.