السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

Don’t Breathe 2.. درس مجاني في القسوة!

Don’t Breathe 2.. درس مجاني في القسوة!

الدرس الذي تتعلمه مادلين

مرة أخرى يستغل صنّاع هوليوود نجاح أحد الأفلام ليصنعوا جزءاً ثانياً، وربما تعقبه أجزاء تالية إذا نجح الجزء الثاني وهلم جرا، حتى تستنفذ الفكرة كل إمكاناتها، ويستنفذ النجاح كل ما يمكن من أموال المشاهدين.

الفيلم هذه المرة هو «لا تتنفس» Don’t Breathe الذي صدر عام 2016، وهو فيلم صغير من إخراج فيد ألفاريز وتأليفه مع صديقه رود ساياجوس. حقق الفيلم وقتها 90 مليون دولار، ونال 88% من النقد الإيجابي وفقاً لموقعrotten tomatoes المتخصص في جمع ونشر مقالات الأفلام، في مفاجأة قلما تحققها مثل هذه النوعية منخفضة الإنتاج. جمع «لا تتنفس» بين نوعي الرعب والتشويق، وحفل بالمفاجآت غير المتوقعة والصرخات المدوية التي كانت تضج بها دور العرض، في زمن الجماهير العريضة قبل أن يحل زمن كورونا والمنصات.

فكرة الفيلم ليست جديدة. شخص ضرير يتصدى لعصابة كاملة تتسلل إلى منزله، فقد سبق أن أدتها أودري هيبورن في فيلم «انتظر حتى يحل الظلام»، 1967، وعادل إمام في فيلم «أمير الظلام»، 2002 على سبيل المثال. ولكن الفارق هذه المرة هو كم الرعب والعنف الذي ينتظر الغزاة!





دار فيلم «لا تتنفس» حول عصابة متخصصة في سرقة المنازل تقوم بالتخطيط لسرقة منزل شيخ ضرير ثري، ولكن ما يبدو أنه عملية سهلة ومضمونة يتحول إلى كابوس، حيث يتبين أن العجوز الكفيف ما هو إلا قاتل مسلسل محترف. وبشكل خاص برع الممثل ستيفن لانج في دور الشيخ الضرير الذي يبدو بلا حول أو قوة ولكنه مخيف ويملك قوة خارقة وقت الحاجة، كما برع صانعو الفيلم في صياغة سيناريو مشوق، أكمله الإخراج بتصوير ومونتاج وموسيقى مناسبين.

بعد 3 سنوات يعود الثلاثي ألفاريز وساياجوس ولانج إلى الفكرة والشخصية نفسها، ليقدموا «لا تتنفس 2»، ولكن هذه المرة قام بالإخراج ساياجوس واكتفى ألفاريز بالكتابة.

بعد انتهاء أحداث الجزء الأول بسنوات، نرى الشيخ الضرير نورمان نوردستروم وقد تبنى طفلة تعتقد أنه والدها، يعيشان في شبه عزلة بعيدا عن المدينة، ويقوم بتلقينها فنون الحرب والقتال.



ذات يوم تتعرض الطفلة (تؤدي دورها مادلين جريس) لتحرش رجل غريب الأطوار، يتبين أنه رئيس عصابة أكثر غرابة مكونة من محاربين قدامى عادوا من العراق بندوب نفسية وأخلاقية. وكما نعلم من الجزء الأول، فإن نورمان كان جندياً سابقاً أيضاً (ربما كان عائداً من فيتنام بحكم سنه)، وقد تركت فيه الحرب أيضاً ندوباً قاسية، منها فقدانه لبصره.

في بداية «لا تتنفس2» تطرح مسألة تأثير الحرب والخطر الذي يمثله العائدون منها في حوار بين ضابطة، صديقة للعجوز الكفيف وطفلته المتبناة، وأفراد العصابة الذين يعترضون طريق سيارتها: تلاحظ هيئاتهم وملابسهم فتسألهم هل أنتم جنود سابقون، فيجيبوا بالإيجاب ويسألوها عما إذا كانت هي أيضاً جندية سابقة فتخبرهم أنها شاركت في حرب العراق، ويخبرونها أنهم عادوا من العراق بسجل غير مشرف، ثم يقومون بقتلها، قبل أن يتوجهوا إلى بيت العجوز ليخطفوا ابنته.



مجموعة المشاهد sequence التي تصور اقتحام العصابة غير المفهوم لمنزل الرجل، بعد أن يقوموا بقتل كلبه، هو أكثر أجزاء الفيلم تشويقاً، والمفاجأة المرعبة التي يخبئها الفيلم تأتي بعد ذلك بكثير، عندما نعلم عن ماضي الفتاة وأبويها، ما يثير القشعريرة في البدن. فيما عدا ذلك يستغرق الفيلم في عنف «غرافيكي» (مصور ومقزز) لتعويض ضعف الدراما والحبكة، وهذا العنف الوحشي يثير أكثر من سؤال: إذا كان الفيلم يدين الحرب والعنف، فإن الدرس الذي تتعلمه الطفلة الصغيرة رغماً عنها هو أنها يجب أن تكون عنيفة وبلا قلب لتنجو في هذه الحياة (في مشهد حاسم من الفيلم يتعين على الطفلة أن تقوم ليس فقط بقتل أمها ولكن بقطع يدها حتى تتخلص من القيد الذي يربطها بها، قبل أن تقوم بقتل أبيها لتنقذ الرجل العجوز!).



الكل هنا قاتل حتى الطفلة، والفارق الوحيد ربما هو أن الطيبين لا يقتلون الكلاب ولا أطفالهم. على عكس عصابة المجرمين الذين يقتلون كلب العجوز، يرفض نورمان قتل كلبهم في المقابل عندما يطلقونه عليه، ويكافأ على ذلك بأن يقوم الكلب بإنقاذه من حريق وإرشاده بمقر العصابة والهجوم على رئيس العصابة عندما يشتبك معه نورمان.



أما فيما يتعلق بعمى نورمان، ففي كل مرة يقوم فيها بقتل أحد المجرمين، ينظر بقيتهم إليه وإلى بعضهم البعض مندهشين من قدرة رجل أعمى على قتل عصبة رجال مدربين مدججين بالأسلحة. إن ما يفعله نورمان عجيب ولا يصدق بالفعل، ولكن الفيلم يعكس نظرة نمطية، ربما كان أفضل ما يصفها هو المثل الشعبي «كل ذي عاهة جبار!»، وهو نوع مقلوب من التنمر يعكس خوفاً ونفوراً من ذوي الهمم لا يقل تنمراً عن التقليل من شأنهم.