الاثنين - 06 مايو 2024
الاثنين - 06 مايو 2024

«محرك العرائس».. دراما لنصاب يغسل مخ ضحاياه بادعاء صداقة جيمس بوند

وفقاً لتقرير نشرته صحيفة «الجارديان» البريطانية مؤخراً، فإن النساء الأمريكيات خسرن ما يقرب من مليار دولار في 2021 على يد النصابين والمحتالين الذين يتخصصون في «سرقة قلوب» النساء، حسب تقرير للمباحث الفيدرالية.

معظم هؤلاء النساء مطلقات أو أرامل، يتجاوزن الأربعين من العمر، يعانين مشاكل عاطفية ونفسية يستغلها المخادعون.





هذه الظاهرة التي أصبحت حديث الإعلام العالمي في الآونة الأخيرة لفتت إليها الانتباه مجموعة من الأفلام والبرامج الوثائقية التي بثتها نتفليكس خلال العامين الأخيرين، ومنها مسلسل The Puppet Master: Hunting the Ultimate Conman" محرك العرائس: مطاردة النصاب الأكبر"، الذي بدأت بثه مؤخراً، والذي يروي قصة نصب تفوق الخيال.

على مدار 3 عقود نصب روبرت هندي فريجارد، الشهير بروب، والذي ينتحل أسماء أخرى من بينها ديفيد كليفتون، على عشرات الضحايا، معظمهم من النساء، مدعياً أنه عميل مخابرات في جهاز المخابرات البريطانيMI5 (مثل جيمس بوند!)، والاستيلاء على ما يقرب من مليون جنيه استرليني منهم، وتدمير حياة الكثير منهم لسنوات استولى فيها على عقولهم بالخداع والتلاعب بنفسياتهم والعنف البدني أحياناً.

ورغم أنه بات معروفاً في أجهزة الأمن ببريطانيا وأمريكا وبلاد أخرى، إلا أنه لم يزل يمارس النصب دون أن يستطيع إيقافه أحد!



يروي مسلسل The Puppet Master: Hunting the Ultimate Conman قصة هذا النصاب بالوقائع والشهود، وهي قصة مدهشة تفاصيلها أغرب من الخيال، ربما لو ظهرت في فيلم روائي لما صدقها أحد، وقد تم بالفعل صنع فيلم روائي بريطاني عنها بعنوان «فريجارد» من بطولة جيمس نورتون لم يعرض بعد.

في 1993 أقنع روبرت فريجارد بأول وأكبر عملياته في النصب 3 من طلبة كلية الزراعة (شاب وفتاتان) أنهم مستهدفون من قبل الجيش الأيرلندي الحر، الذي كان يقوم وقتها بعمليات تفجير واغتيالات سياسية واسعة النطاق، وتم اعتقال زميل أيرلندي للضحايا بتهمة تهريب السلاح للجيش الأيرلندي، فيما انتحر طالب آخر.

ووسط هذا الجو الممتلئ بالخوف والقلق نجح في خداعهم لسنوات راحوا يجوبون فيها البلاد طولاً وعرضاً، للاختفاء من مطاردات الإرهابيين التي صورها لهم روبرت!

في 2012، بعد نجاته من حكم بالسجن مدى الحياة، ألغته محكمة الاستئناف لأسباب شكلية، ينتحل روبرت اسماً جديداً ويعود لاصطياد ضحية جديدة، هذه المرة مطلقة لديها ابنان، ويستنزف أموالها دون أن يستطيع أحد أن يمنعه، لا ابناها ولا زوجها السابق ولا الشرطة.



يبني المسلسل الذي يتكون من 3 حلقات سرده اعتماداً على الحكي المتوازي لهذين القصتين، اللتين تجريان في أزمنة وأمكنة مختلفة، فيما تلتقيان في منتصف المسافة لتذكر بعض الضحايا الآخرين الذين وقعوا في يد روبرت/ ديفيد بين الاثنين.

يتميز الفيلم الذي أخرجه كل من سام بينستيد وجاريث جونسون، وأنتجه بارت ليتون، الذي يبدو أنه متخصص في وثائقيات النصابين، فهو أيضاً مخرج الفيلم الوثائقي Imposter (2012)، الحاصل على جوائز وإشادات نقدية كبيرة، والذي يروي قصة محتال آخر ادعى أنه الابن المخطوف لعائلة فرنسية ثرية.

فيلم «محرك العرائس» محكم الصنع، مشوق، ومؤثر حد الرعب، فالعالم يبدو مكاناً خطيراً ومؤذياً للغاية بوجود أمثال روبرت فريجارد، الذي وهب الوسامة والجاذبية والذكاء والقدرة المذهلة على إقناع الآخرين، ولكنه يستغل هذه المواهب ليس فقط للسرقة، ولكن لسلب ضحاياه حياتهم وشخصياتهم وقواهم يوماً بعد يوم على مدار سنوات.



وبجانب أنه يروي وقائع حقيقية مهم معرفتها، وبجانب كونه فيلماً متقن الصنع فنياً، فإن «محرك العرائس» دراسة نفسية عميقة في سيكولوجية «غسيل المخ» والإجراءات التي يتبعها الجاني للسيطرة على ضحاياه نفسياً وعقلياً.

نقطة أخرى مهمة يثيرها المسلسل هي عجز القوانين في معظم البلاد عن معاقبة أنواع كثيرة من النصب، خاصة التي تشمل هذا الإجرام النفسي الذي يصعب إثباته علمياً، ولو ثبت لا توجد له عقوبة رادعة، فالمجرم هنا يدان بالسجن مدى الحياة على عدة تهم أولها «اختطاف» ضحاياه، ولكن محكمة الاستئناف تبرئه لأن تعريف «الاختطاف» قانونياً لا يشمل الكذب والسيطرة النفسية على الضحايا وغسيل المخ!

والغريب أن هذا الموقف نجده أيضاً في فيلم The Tinder Swindler الوثائقي الذي بثته نتفليكس مؤخراً أيضاً، حيث يفلت المجرم بجرائمه التي سطا بها على ما يقرب من مليون دولار، وحيث يعيش حياته حالياً كالملك، ويتباهى بصوره على إنستغرام!