الجمعة - 03 مايو 2024
الجمعة - 03 مايو 2024

بين أسباب دينية وأخرى خاصة.. ما الذي يدفع الفنانين لاعتزال أضواء الشهرة؟

سؤال مثير للجدل في الوسط الفني أو على منصات التواصل الاجتماعي، فبين حين وآخر يعلن أحد الفنانين اعتزاله للفن، وهو ما قد يجعل البعض يتساءل عن سبب الاعتزال خصوصاً أن البعض يُرجعه لأسباب دينية، وهو ما يطرح التساؤل هل الفن حرام؟

هذه الحالة عادت إلى السطح مرة أخرى بعد اعتزال الفنان الأردني أدهم النابلسي وحذفه أكثر من 13 أغنية له من على منصة «يوتيوب»، وأعاد الفنان تامر حسني نفس الحالة من الجدل عندما رد على سؤال لمراسل قناة أبوظبي على هامش مشاركته بإكسبو 2020 دبي، هل يمكن أن يعتزل الغناء لأسباب دينية؟ ليُجيب حسني أن فكرة الاعتزال موجودة بالفعل لكن لعدة أسباب دون أن يحدد طبيعتها.

ومن هذا المنطلق نتساءل معكم لماذا قد يعتزل الفنانون؟ ولماذا يعود البعض لعالم الأضواء مرة أخرى من بوابة تقديم البرامج الدينية؟ ولماذا لا يترك الفنان الوسط برمته ولا يبحث عن شهرة في مجالٍ آخر مصبوغ بصبغة دينية؟ وهل الاتجاه لتلك البرامج اعتراف ضمني بأن الفن حرام كما هو متداول بعد واقعة اعتزال الفنان أدهم النابلسي.

«الرؤية» تواصلت مع عدد من الفنانات المعتزلات اللاتي ابتعدن عن الفن وارتدين الحجاب ثم عُدن مرة أخرى إلى الأضواء من بوابة تقديم البرامج التلفزيونية، أو حتى أداء أدوار بالحجاب، منهن من انزعجن ورفضن الإجابة عن أسئلتنا، واعتبرن أن الأمر شديد الخصوصية ولا يجوز لأحد التدخل فيه.



الفن ضاغط



الفنانة شهيرة والتي كانت قد اعتزلت منذ نحو 28 عاماً في أوج شهرتها ونجاحها الفني، ثم قررت العودة مرة أخرى للفن وخلع الحجاب، قالت لـ«الرؤية» إن الفنان أكثر حساسية في القرب إلى الله، وأكثر استشعاراً لوجود الخالق من أي شخص آخر، لأنه يملك من المشاعر ما يجعله يشعر بوجود الله.

وتابعت: «ربما يكون الفن ضاغطاً في بعض الأحيان فيمنع الفنان من الالتزام بطقوسه الدينية كالصلاة وغيره، لكن هذا لا يعني على الإطلاق أننا يمكننا وصف الفن بالحرام كما هو متداول من بعض الأشخاص على "السوشيال ميديا".

وأضافت: «عندما اعتزلت لم أكن أجد الوقت الكافي مثلاً للصلاة، وهو الأمر الذي كان يزعجني كثيراً، فقررت الاعتزال، وعندما اعتزلت وجدت بعض التعليقات التي تتساءل لماذا اعتزلت رغم تقديمي أعمالاً هادفة لا تحوي أي ابتذال، لكنني شعرت أن الأضواء والشهرة لا تجعلني أستطيع "الاستئناس" بالله، وأن أؤدي فروضي الدينية على النحو الصحيح، وهذا لا يعني أن الفن حرام، بالعكس فالفن رسالة مهمة جداً يؤديها الفنان للمجتمع».

وتابعت: «من يعتزل ويُريد العودة فليفعل ذلك طالما هو كشخص وجد في داخله الميل لذلك، وأنا شخصياً قررت العودة مرة أخرى ولم أهتم بكثير من التعليقات السلبية التي جاءت بعد قراري هذا، المهم أنني مقتنعة به، فلا يعنيني أياً من تلك الآراء التي أُثيرت وقتها عبر السوشيال ميديا، فطبيعتها تضخيم الأمور».

وتابعت: «كان من المفترض أن أعود بعمل فني لكن مرض زوجي الراحل الفنان محمود ياسين حال دون ذلك، إذ كنت أُشرف على جميع ما يخصه، ثم جاءت كورونا وفقدت أعز الأصدقاء من الوسط الفني كدلال عبدالعزيز ورجاء الجداوي، لذا أجلت أي ارتباطات فنية الآن حفاظاً على صحتي».

الشهرة مغرية



الفنانة ميار الببلاوي والتي اتجهت لتقديم البرامج التلفزيونية، تقول في حديثها مع «الرؤية»، إن الفن مثله مثل أي عمل يوجد به الحرام أو الحلال، لكن وفي نفس الوقت ليس حراماً في المطلق، وهو الأمر الذي يندرج على كل شيء، حتى على السوشيال ميديا التي تُهاجم الفن وتصدر صورة أنه حرام، فهناك ما يمكن تقديمه عبرها بصورة مبتذلة وهناك المحتوى الهادف الجاد الذي يخدم الناس.

وتابعت الببلاوي: «عندما قررت ارتداء الحجاب كان هذا شيئاً نابعاً من داخلي، ولم أعتزل كما يظن البعض، فقد قدمت 15 مسلسلاً بعد الحجاب، فارتداؤه لا يتنافى مع الفن على الإطلاق، وفي الوقت نفسه ليس الحجاب دليلاً على التدين الكامل، فقد قدمت شخصية سيدة تعمل بأعمال منافية في مسلسل "ستات قادرة" لأُعبّر عن تلك الفكرة، وهي أننا لا يجب أن نحكم على بعضنا البعض بالمظهر سواء كان بالحجاب أو دونه».

واستطردت الفنانة المصرية: «الفنان مثل أي شخص قد يُخطأ وقد يُصيب، وقد يجد في وقت أنه بحاجة للتقرب من الله بشكل أكبر، وربما تمنعه ظروف عمله من ذلك، فقد يضطر إلى ترك المهنة للتفرغ لحياته الشخصية، ورغم ذلك فالشهرة مغرية ولا يستطيع كثيرون التخلي عنها بسهولة، وربما يعيدون لأن بيئتهم المحيطة لا تساعدهم على الثبات».

الاعتزال ليس صدفة





أما الناقد الفني طارق الشناوي فيقول في حديثه مع «الرؤية»: "من يدعون على الفن بما ليس فيه، وفي الغالب يعودون مرة أخرى، لا يفعلون ذلك بدوافع خاصة بهم، بل يعتقد أنهم مدفعون من جهات ودوائر يهمها تصدير صورة «الفن الحرام»، والسوشيال ميديا ساعدتهم على ذلك".

ويشرح الشناوي «الأمر لعبة وفي الغالب قد يكون مدفوعاً وهو ما حدث مثلاً مع المطرب اللبناني فضل شاكر الذي اعتزل وهاجم الفن وحرمه، ثم عاد مرة أخرى للغناء هو وابنه، فقد تعودنا على المُفاجآت».

وتابع الشناوي «استغرب كثيراً من بعض الفنانين الذين يهاجمون الفن ثم يعودون، والأمر الآن بعكس ما كان يحدث قديماً، وأعتقد أن هناك جهات تدفع الفنانين لاعتزال الفن، وليس مجرد وجدان لفنان قرر هو من نفسه الاعتزال، مثلما حدث مع حلا شيحة وما حدث معها من ارتداء نقاب ثم عودة وإجراء عمليات تجميل ثم عودة مرة أخرى، كلها تناقضات لا تحدث صدفة وأشك في ذلك».