الاثنين - 29 أبريل 2024
الاثنين - 29 أبريل 2024

الصين.. مملكة الطاقة الشمسية

الصين.. مملكة الطاقة الشمسية
عبدالله العولقي كاتب ـ السعودية

يبدو أن الضرائب التي فرضتها إدارات البيت الأبيض المتعاقبة في واشنطن، لم تفلح في كبح جماح التدفق المهول للألواح الشمسية الصينية، وإغراقها للسوق المحلي الأمريكي، الأمر الذي أدى إلى إغلاق العديد من المصانع الأمريكية المنتجة للألواح الشمسية.

قبل عشرين عاماً، كانت الولايات المتحدة تمتلك ما يقارب 75 مصنعاً لإنتاج وتصنيع الألواح الشمسية، وكانت نسبة إنتاجها العالمي تقدر بـ22% بيد أن هذه النسبة تراجعت بشكل حاد لتصل إلى 1% فقط.
سر الهيمنة الصينية على صناعة الألواح الشمسية يعود إلى كلفة العمالة الصينية والتي تعد الأرخص عالمياً، لكن هذا السبب يشمل كافة الصناعات الصينية المتنوعة، فما هو السر الحقيقي في تفوق صناعة الألواح الشمسية تحديداً؟


السر يعود إلى المنافسة المحتدة بين المصانع الصينية على إنتاج يتميز بالكفاءة والجودة العالية مع تكاليف منخفضة جداً، هذه المعادلة الصعبة هي سر تفوق الصينيين في صناعة الألواح الشمسية عالمياً، فقد طورت المصانع في الصين تقنية لقص رقائق البولي سيليكون، وهي المادة الأساسية في صناعة الألواح بطريقة ذكية، بحيث أنها تقلل النفايات وتزيد من إنتاج الخلايا الشمسية مستمدة الكمية نفسها من المواد الخام، وقد ساهمت هذه الطريقة الابتكارية في خفض تكاليف التصنيع بنسبة عالية، بحوالي 80%، ما جعل الطاقة الشمسية رخيصة جداً، وهي نسبة تعادل كلفة الفحم في أجزاء كثيرة حول العالم.


هناك سر آخر وجوهري يمتلكه الصينيون في صناعة الألواح الشمسية، وهي سيطرتهم المحكمة على سلاسل الإمداد العالمية الخاصة في عمليات تصنيع هاته الألواح الشمسية، فإنتاج الصين وحدها من مادة البولي سيليكون يتجاوز بنسبة 80% عالمياً، بالإضافة إلى تحكمها التام في إنتاج وتصنيع الرقائق والسبائك بنسبة تصل إلى حوالي 98%، ولك أن تتخيل أن ثلاثة أرباع الألواح الشمسية حول العالم هي من إنتاج صيني، ولهذه الأسباب تمكنت الصين في معرض صراعها التجاري القائم مع الولايات المتحدة أن تتفوق بجدارة في ميدان الطاقة الشمسية.

الطموح الصيني لا يقف عند هذا الحد فحسب، فالفكرة التي أوردها كاتب الخيال العلمي المعروف إسحاق أزيموف في عام 1941 حول إنشاء محطة طاقة فضائية تريد الصين أن تحولها إلى حقيقة قائمة، فقد أعلنت بكين رسمياً أنها تخطط لإطلاق أسطول من الألواح الشمسية بطول 1.6 كم إلى الفضاء بحلول عام 2035، وإعادة إرسال الطاقة إلى الأرض في محاولة لتحقيق هدفها بتحييد الكربون لعام 2060.
كما تشير التقارير إلى أنه بمجرد تشغيل مجموعة الطاقة الشمسية الفضائية بكامل طاقتها بحلول عام 2050، سترسل كمية مماثلة من الكهرباء إلى شبكة أرضية تشبه محطات الطاقة النووية، كما سيعمل الباحثون الصينيون على تقديم أفضل تصميم لإعادة الطاقة إلى الكوكب الأرضي، ويعتقد أنه باستخدام الموجات الدقيقة سيتمكن الفريق الصيني من تقليل كمية الطاقة المفقودة أثناء مرورها عبر الغلاف الجوي.

هذه الهيمنة الصينية المتعاظمة في مجال الطاقة الشمسية، جعلت العديد من المسؤولين الأمريكيين الذين كانوا مصرّين على استراتيجية الطاقة المتجددة في أمريكا يقرون بالتفوق الصيني ليعترفوا بأن الوقت قد حان للتخلي عن القتال، والاكتفاء بوظائف تركيب الألواح التي أنشأتها المعدات الصينية منخفضة التكاليف.. حقاً إنها مملكة الطاقة الشمسية!


شاركوا بمقالاتكم المتميزة عبر: [email protected]