الاحد - 28 أبريل 2024
الاحد - 28 أبريل 2024

الشفق المنفصل المتعرج.. مسبار الأمل يكتشف ظاهرة غامضة وجديدة على المريخ

الشفق المنفصل المتعرج.. مسبار الأمل يكتشف ظاهرة غامضة وجديدة على المريخ

الشفق المنفصل المتعرج.. مسبار الأمل يكتشف ظاهرة غامضة وجديدة على المريخ.

كشف مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ (مسبار الأمل)، أول مهمة فضائية لاستكشاف كوكب المريخ تقودها دولة عربية، عن صورٍ جديدة ومذهلة للشفق المنفصل في المريخ، والتي جاءت بعد سلسلةٍ جديدة من عمليات الرصد والملاحظات العلمية، ما يعد بتقديم إجابات جديدة، وفتح الباب أمام مزيد من التساؤلات في الوقت نفسه، حول التفاعلات بين الإشعاع الشمسي والمجال المغناطيسي للمريخ وغلافه الجوي.

وتتضمن الملاحظات ظاهرة غامضة وفريدة لم يسبق رؤيتها من قبل، أطلق عليها فريق عمل المشروع اسم «الشفق المنفصل المتعرج»، وهي تأخذ شكلاً ملتوياً ذا حجم ضخم يمتد على نصف طول الكوكب الأحمر.

منظور لم تسبق مشاهدته للكوكب الأحمر

وقالت قائد الفريق العلمي لمشروع الإمارات لاستكشاف المريخ حصة المطروشي: «عندما التقطنا صوراً عن ظاهرة الشفق المنفصل للمريخ لأول مرة بعد وقت قصير من وصول مسبار الأمل إلى الكوكب الأحمر في عام 2021، أدركنا بأن لدينا إمكانات جديدة لإجراء عمليات رصد استثنائية في هذا المجال، لذلك قررنا التركيز أكثر على دراسة هذه الظاهرة. ويمكننا الحصول على ملاحظات شاملة تقريباً لقرص الكوكب وغلافه الجوي، والتي تساعدنا في دراسة ظواهر الغلاف الجوي والتفاعلات التي تحدث فيه، حيث نشاهد تأثيرات الشفق المنفصل على نطاق واسع ومن منظور لم تسبق مشاهدته من قبل».

انبعاثات إلكترونات نشطة على المريخ

ويتكون الشفق المنفصل المتعرج من خطوط طويلة (تشبه الديدان في الشكل) ناجمة عن انبعاثات الإلكترونات النشطة في الغلاف الجوي العلوي، تمتد عدة آلافٍ من الكيلومترات من الجانب المضيء للمريخ إلى الجانب المظلم منه.



وتُعدّ صور الشفق هذه من أوضح الصور التي قدمها مسبار الأمل وأكثرها شمولية حتى الآن، إذ تم التقاطها أثناء تعرض المريخ لتأثير العاصفة الشمسية، ما أدى إلى تدفق إلكترونات الرياح الشمسية بسرعةٍ وكثافة أكبر من المعتاد.

وتتضمن الصور أشكالاً مطولة قد تكون ناجمةً عن مناطق ممتدة مماثلة توفر شروط تنشيط الإلكترونات كما في مناطق الذيل المغناطيسي.

وتحمل الرياح الشمسية المجال المغناطيسي الكوكبي الذي يلتف حول المريخ ويجتمع مع الحقل المغناطيسي الناتج عن المواد الموجودة في قشرة الكوكب لتشكيل الذيل المغناطيسي للمريخ، وهو مجموعة معقدة من المجالات المغناطيسية على الجانب المظلم من الكوكب.

مرونة في تخطيط العمليات

وقال مدير المشروع عمران شرف: «لم يكن توجيه التركيز نحو دراسة ظاهرة الشفق المنفصل ضمن خطتنا الرئيسية، لكن الآن وبفضل ما لدينا من موارد إضافية، سنحرص على دراسة واستكشاف هذه الظاهرة بشكل أكبر. ولم نكن لننجح برصد هذه الظواهر العابرة والمتغيرة وتحقيق الهدف الأساسي للمهمة والذي يتمثل في استكشافات علمية جديدة من دون المرونة العالية في تخطيط العمليات والملاحظات العلمية للمسبار».

والتُقطت صور انبعاثات الأشعة فوق البنفسجية خلال عمليات الرصد الجديدة عند طول موجي 130.4 نانومتر، وهي تُظهر إلكتروناتٍ نشطة تصطدم بالذرات والجزيئات في الغلاف الجوي العلوي للمريخ على ارتفاع نحو 130 كيلومتراً فوق سطح الكوكب، وتُعد الرياح الشمسية مصدر هذه الإلكترونات التي يتم تنشيطها بواسطة الحقول الكهربائية في الغلاف المغناطيسي للمريخ.

اكتشاف استثنائي ومثير على كوكب المريخ

من جهته، قال الدكتور روب ليليس، عضو فريق المقياس الطيفي بالأشعة ما فوق البنفسجية الخاص بمشروع الإمارات لاستكشاف المريخ من جامعة كاليفورنيا، بيركلي: «يعتبر الشفق المنفصل المتعرج اكتشافاً استثنائياً ومثيراً للاهتمام، إذ لم نتمكن من إيجاد أي تفسير واضح حول سبب ملاحظة هذا الشفق بهذا الحجم والوضوح والشكل. يمكننا اليوم إعادة دراسة والتحقق من الملاحظات السابقة التي رصدناها عن كوكب المريخ عن طريق مهمات مافن ومارس إكسبريس لإيجاد الأجوبة التي من الممكن أن تساعد في تفسير ملاحظات مسبار الأمل الجديدة وهذه الظاهرة الغامضة».

وتتبع الإلكترونات خطوط المجال المغناطيسي، لذا يتم تحديد مساراتها إلى الغلاف الجوي بواسطة الحقول المغناطيسية الموجودة فيه.

وتُبين عمليات الرصد الجديدة التي قام بها مسبار الأمل، خطوط الحقل المغناطيسي الملتوية والتي لا تلامس الغلاف الجوي في الجانب المظلم من الكوكب؛ وخطوط الحقل المغلقة التي تتصل بالقشرة في كلا طرفي المريخ؛ وخطوط الحقل المفتوحة التي تصل قشرة الكوكب بالرياح الشمسية، وتقوم بتوجيه الإلكترونات نحو الغلاف الجوي وفق أنماطٍ معقدة في بعض الأحيان، والتي تؤدي بعد ذلك إلى انبعاث الأشعة ما فوق البنفسجية التي التقطها مقياس مسبار الأمل الطيفي، وتُعرف باسم الشفق المنفصل نظراً لأنها تقتصر على أماكن محددة.

وإلى جانب الشفق الذي يحدده حقل قشرة المريخ، تفتح الأشكال المعقدة للتأثيرات الإلكترونية النشطة التي رصدها مسبار الأمل آفاقاً جديدة لفهم كيفية تأثير التفاعلات الكوكبية والشمسية على ديناميكيات الغلاف الجوي للمريخ.