الخميس - 02 مايو 2024
الخميس - 02 مايو 2024

رؤية استباقية.. الإمارات توظف تقنيات الاستمطار المبتكرة لمعالجة شح المياه

رؤية استباقية.. الإمارات توظف تقنيات الاستمطار المبتكرة لمعالجة شح المياه
عملت دولة الإمارات بفضل الرؤى الاستباقية لقيادتها الرشيدة على تبني وتطوير ودعم مختلف التقنيات والابتكارات الحديثة المجدية لضمان تأمين موارد مستدامة للمياه، والتي تعد الأمطار أحد مصادرها الرئيسية، وذلك انطلاقاً من دورها الريادي في معالجة القضايا ذات الاهتمام الدولي ومن ضمنها الأمن المائي، إذ يعد شُحّ الموارد المائية ونقص إمداداتها أحد التداعيات الرئيسية الناجمة عن ظاهرة التغير المناخي التي يشهدها العالم حالياً.

وتحرص الإمارات على تعزيز التعاون الدولي وبناء الشراكات الناجحة انطلاقاً من إيمانها الكامل بأهمية دعم العمل المناخي على مستوى العالم، والذي تجسد في إطلاق مبادرتها الاستثنائية لتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050، تماشياً مع دورها العالمي الرائد وسجلها الحافل في إطلاق المبادرات والمشاريع المبتكرة، التي لها أكبر الأثر في مواجهة تداعيات التغير المناخي، ما ينسجم مع مسيرة الإمارات للخمسين عاما المقبلة.

وتستعرض وكالة أنباء الإمارات «وام»، في التقرير التالي جهود الإمارات في استدامة الموارد المائية، حيث تعتبر تقنيات الاستمطار مساهماً مهماً في إعادة هندسة كوكب الأرض عن طريق الحد من الجفاف، وتعزيز موارد المياه وضمان استدامتها، وعملت دولة الإمارات على تنفيذ وتطوير عمليات الاستمطار منذ قرابة عقدين من الزمن ضمن سعيها الحثيث لمواجهة نقص الموارد المائية.




ويساهم استمطار السحب في التخفيف من التأثير الناجم عن الاحتباس الحراري الذي يؤدي إلى الجفاف وارتفاع معدلات تبخر المياه.

وتستخدم تقنية تلقيح السحب من أجل تحسين العمليات الفيزيائية الدقيقة التي تحدث في السحابة، لاستخراج المزيد من المياه وتحسين كميات الهطول المطري، لتصل بحسب معدل النسب العالمية إلى 18%.

وتشمل الآثار المستقبلية المحتملة لتغير المناخ العالمي فترات أطول للجفاف في بعض المناطق وزيادة في عدد العواصف الاستوائية في مناطق أخرى، وللمساهمة في منع تأثير التداعيات طويلة الأمد لتغير المناخ على الأجيال القادمة، حرصت دولة الإمارات على تبني وتطبيق تقنيات الاستمطار، للمساهمة في التخفيف من الآثار الناجمة عن نقص موارد المياه الطبيعية من خلال تعزيز هطول الأمطار، وذلك للتكيف مع التحديات التي يفرضها الجفاف في شبه الجزيرة العربية، والمناطق الجافة وشبه الجافة على نطاق عالمي.

إنجازات بمجال الاستمطار

باشرت دولة الإمارات تنفيذ عمليات تلقيح السحب في عام 2002 من خلال المركز الوطني للأرصاد، ضمن اهتمامها الدائم بقضايا الأمن المائي، واعتمدت في ذلك النهج التقليدي في عمليات الاستمطار والمتمثل في إطلاق الشعلات المكونة من الأملاح الطبيعية، منها كلوريد البوتاسيوم عند قاعدة سحب الحمل الحراري بوجود التيارات الهوائية الصاعدة.

وركزت العمليات في سنواتها الأولى على تيارات الحمل الحراري المتكررة خلال فصل الصيف على طول سلسلة جبال الحجر في شمال شرق دولة الإمارات، وبحلول عام 2010، بدأ المركز الوطني للأرصاد بتلقيح السحب المناسبة المتواجدة على مدار العام بجميع أنحاء الدولة.

بنية تحتية لتلقيح السحب

ويعد المركز الوطني للأرصاد الجهة المسؤولة عن تنفيذ عمليات الاستمطار على مستوى دولة الإمارات، حيث يمتلك بنية تحتية مميزة مدعومة بأصحاب الخبرات المتقدمة والتقنيات والوسائل المتطورة، التي تضم أكثر من 100 محطة للرصد الجوي وشبكة رادارات متكاملة تغطي كافة أنحاء الدولة، وطائرات لتنفيذ عمليات الاستمطار، بالإضافة إلى مصنع لإنتاج شعلات تلقيح السحب عالية الجودة.

وإلى جانب جهودها العملية بمجال الاستمطار، أسست الدولة في عام 2015 برنامج الإمارات لبحوث علوم الاستمطار التابع للمركز الوطني للأرصاد، تحت رعاية سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة، بهدف تعزيز التقدم العلمي وتطوير تقنيات جديدة في مجال علوم الاستمطار، ويقوم البرنامج بالإشراف على منح بحثية تقدم للمشاريع التي تساهم في تطوير حلول مبتكرة بمجال أبحاث الاستمطار.

وصمم هذا البرنامج الذي يديره المركز الوطني للأرصاد في أبوظبي كجزء من عمله في دعم الأبحاث المتعلقة بالاستمطار، بهدف تشجيع وتعزيز التقدم العلمي والتقني في الاستمطار، ويقدم البرنامج منحة تبلغ قيمتها 1.5 مليون دولار أمريكي موزعة على 3 سنوات لكل واحد من المقترحات البحثية بمجال الاستمطار، بمعدل 550 ألف دولار لكل عام كحدٍ أقصى.

مشاريع بحثية مبتكرة

وعلى مدى 3 دورات قدم البرنامج منحا لـ9 مشاريع بحثية مبتكرة في مجال الاستمطار، وفتح البرنامج باب استقبال المقترحات البحثية لدورته الرابعة مطلع العام الجاري، وسيتم الإعلان عن المشاريع الحاصلة على منحة الدورة الرابعة من البرنامج في يناير 2022، كما وتفاعل مع البرنامج من خلال حملاته التعريفية واستراتيجياته للتواصل الخارجي 1811 باحثاً وعالماً و806 مؤسسات بحثية من 70 دولة، مما ساهم في تقديم 451 مقترحاً بحثياً خلال 4 دورات.

وساهمت المشاريع الحاصلة على منحة البرنامج في تطوير تقنيات جديدة بهذا المجال من ضمنها استخدام المواد النانوية، والطائرات بدون طيار، وتصميم غرفة محاكاة السحب، ونظام المحرك النفاث لتكوين التيارات الصاعدة للسحب، وغيرها.

وسجل الباحثون الحاصلون على منحة البرنامج 4 براءات اختراع، وقاموا بنشر 74 مقالة في مجلات علمية محكّمة، كما شاركوا كذلك في 97 مؤتمراً دولياً، وقاموا بتنفيذ 8 حملات ميدانية لتجربة وقياس فعالية المشاريع الحاصلة على منحة البرنامج، بالتنسيق الكامل مع المركز الوطني للأرصاد وبإشرافهم المباشر.

وحقق برنامج الإمارات لبحوث علوم الاستمطار نجاحاً كبيراً على المستوى العالمي ساهم في التأكيد على مكانة دولة الإمارات الرائدة بهذا المجال العلمي، حيث شكل البرنامج وجهة جاذبة لشبكات الأبحاث المعترف بها عالمياً، ونجح في تطوير عملية نقل المعارف الضرورية لضمان تأمين موارد مستدامة للمياه في دول العالم المعرضة لمخاطر الجفاف.