الاثنين - 29 أبريل 2024
الاثنين - 29 أبريل 2024

سارة الحوسني: بـ300 ألف درهم دخلت عالم الصناعات الإبداعية وأسست «خزف»

سارة الحوسني: بـ300 ألف درهم دخلت عالم الصناعات الإبداعية وأسست «خزف»

سارة الحوسني في الاستديو. (تصوير: محمد بدرالدين)

تحوّل رائدة الأعمال الإماراتية سارة الحوسني، الطين الخام إلى تحف فنية مبهرة، وتشكل منه الكثير من المزهريات والأكواب والتصاميم الخزفية الساحرة.

واستغلت الشابة، البالغة من العمر 29 عاماً، موهبتها التي اكتشفتها في بداية ريعان شبابها، فعملت على تطوير مهاراتها الفنية، ثم قررت أن تحولها إلى مشروع تجاري إبداعي، بلغت كلفة تأسيسه نحو 300 ألف درهم إماراتي.

ويحمل مشروع رائدة الأعمال الإماراتية الشابة، اسم «خزف» وهو عبارة عن استديو وورشة عمل متخصصة في صناعة القطع الفنية الخزفية أسسته في الربع الأخير من العام الماضي، ويتيح المشروع الفني الخاص الفرصة للأطفال واليافعين والشباب وهواة تصميم الخزف لتعلم وتطوير مهاراتهم في المجال بصورة عامة.

وقبل تأسيسها لذلك المشروع التجاري، كانت تقدم خدماتها من المنزل لأصحاب المطاعم والمقاهي والمحال التجارية المختلفة، فتصمم القطع الخزفية والفنية التي تتناسب مع رؤية أصحاب تلك المشاريع التجارية الناشئة والمتوسطة وكبيرة الحجم.

ورش فنية



ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل تلقت الشابة الإماراتية سارة الحوسني طلبات لتقديم ورش متخصصة بالمجال عبر استديوهات ووجهات فنية محلية مختلفة، ما دفعها إلى إدراج الورش الفنية ضمن خدمات استديو «خزف».

وقالت الحوسني لـ«الرؤية»: «إن الشغف بالفنون تملكني منذ الصغر وكانت حصة الفنون المدرسية الأهم بالنسبة لي، ليس ذلك فحسب، بل حفزتني والدتي على الاهتمام بالفن بوجه عام ودفعتني للاشتراك في العديد من ورش العمل الفنية حتى أطور من الغريزة الفنية لدي، إذ كانت تلاحظ أنني أحرص على إعادة تدوير الأشياء المهملة بالمنزل لأحولها إلى أعمال وقطع فنية مميزة، وكنت عادة ما أستخدمها في تزيين زوايا المنزل بما فيها غرفتي الخاصة».

تصميم الخزف



وتابعت: «تعمقت في مجال تصميم الخزف بعد تخرجي في كلية الاتصال في إحدى الجامعات الإماراتية، وكان حضوري إحدى ورش تصميم الفخار صدفة، وتفاجأت حينها بأنها تلامس مشاعري واهتماماتي، واكتشفت أن استخدامات الطين لا حصر لها، وبإمكاننا أن نصنع الأكواب والأطباق والتحف الفنية بسهولة وبدقة متناهية، سواء كان ذلك للاستخدام الشخصي أو لإهدائها للأصدقاء والعائلة».

وأردفت المصممة ورائدة الأعمال الشابة: «أسست استديو صغيراً في منزلي لتصميم وبيع القطع الفنية المختلفة من الخزف، وذلك قبل الشروع في تأسيس مشروعي المتكامل (خزف) الذي يتواجد في العاصمة أبوظبي، ويتيح للزوار والضيوف فرصة تعلم طرق تصميم الفخار والأكواب والأطباق والمزهريات وغيرها من الأدوات الشخصية».

طلبات من محلات الزهور والمقاهي



وتطرقت الشابة سارة الحوسني إلى أن ورشتها المنزلية الناشئة، استقبلت العديد من الطلبات من قبل أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة والكبيرة المتخصصة في مجال بيع الزهور والمطاعم والمقاهي الجديدة، فيما تضمنت الطلبات تصميم الأطباق والأكواب الخزفية لتقديم الطعام والمشروبات ولتحمل روح وهوية المكان في الوقت ذاته، كما استقبلت عروضاً من قبل أصحاب بعض المشاريع لشراء وبيع المنتجات ضمن مشاريعهم الخاصة.

وأبانت أن الخطوة التي سبقت تأسيس استديو «خزف» تضمنت إجراء بحث معمق عن الاستديوهات الفنية المحلية وتلك المتخصصة في تصميم الفخار والخزف، وإعداد دراسة عن أسعار الطين والصلصال وأجود الموردين العالميين لها، إلى جانب شراء عجلات الفخار والألوان المستخدمة للرسم عليه، واقتناء الفرن الخاص لتحضير الخزف وتحويله إلى منتج نهائي متكامل المواصفات.

تراخيص الأعمال



وأضافت رائدة الأعمال الشابة: «إن زوجي ساندني في البحث عن الموقع المناسب لتأسيس مشروعي ولاستكمال الأوراق والتراخيص الرسمية لتسجيل المشروع من أجل تدشينه بصورة رسمية، وقبل ذلك استشرت خبراء ومختصين ورواد أعمال وأصحاب مشاريع آخرين في المجالات الفنية المختلفة بالدولة».

وعن أبرز التحديات التي واجهتها في بداية إطلاق المشروع، قالت سارة الحوسني: «إن أي خبير في مجال تصميم الفخار والخزف على دراية كاملة بأن شراء الطين المخصص لإعداد الصلصال ذو كلفة باهظة نوعاً ما، لذا يعتبر من الصعب شراؤه أو اقتناؤه بكميات كبيرة، ولكنه سريع الاستهلاك، ما يدفعني إلى شراء شحنة جديدة من الطين والألوان كل أسبوعين».

تكاليف التأسيس



وأشارت رائدة الأعمال الإماراتية إلى أن تكاليف تصميم الاستديو تعتبر مرتفعة أيضاً وتتراوح بين 100 و300 ألف درهم، إلى جانب رأس المال المخصص لشراء الطين والألوان المستخدمة في عمليات التصميم، لافتة إلى ضرورة اتباع خطوات مدروسة من أجل تجنب وضع أي تكاليف زائدة على كاهل رائد الأعمال.

وأكدت حرصها على متابعة سوق الخزف المحلي والعالمي لتجربة أي منتجات جديدة متعلقة بصناعة الخزف يتم طرحها في الأسواق، سواء كان كلفة اقتنائها وسعر بيعها أفضل أو ذات جودة أحسن.

فن صديق للأطفال



وحول إيرادات المشروع، قالت المصممة الشابة: «إن مشاريع صناعة الخزف والاستديوهات الفنية من المشاريع المربحة في الإمارات، نظراً لاهتمام الكثيرين بالفنون والإبداع بشتى أنواعه، كما ازداد إدراك أفراد المجتمع الإماراتي بأهمية الصناعات الإبداعية والفنية وبفكرة ريادة الأعمال بصورة عامة».

وتطرقت المصممة سارة الحوسني إلى أن ورش العمل المتاحة في الاستديو تتناسب مع الأطفال وذويهم والشغوفين بتلك الصناعة، فيما تبلغ قيمة الورشة الممتدة إلى ساعة واحدة نحو 95 درهماً للطفل، بينما ورشة الشغل اليدوي للبالغين فتبلغ قيمتها 195 درهماً، بينما ورشة عجلة الفخار فكلفتها تبلغ 200 درهم للورشة الواحدة، كما نتيح ورشة متخصصة في التلوين وتبلغ قيمة الساعة الواحدة منها 80 درهماً وعادة ما تلي ورشة التصميم الأساسية.

إقبال على المشغولات اليدوية



وتابعت: «إن الطلب على المشغولات اليدوية يتزايد أيضاً على المستوى المحلي، لذا أجد إقبالاً لافتاً على شراء واقتناء منتجاتي من أكواب وأطباق ومزهريات وقواعد الشمع المصنوعة يدوياً التي تزين الطاولات وتجعل منها لوحة فنية، كما أتيح للتجار وأصحاب المشاريع الخاصة حرية اختيار التصاميم والألوان والتي أعمل على إبداعها من أجلهم لتعبر عن فكرة مشاريعهم الخاصة وتضفي رونقاً وجمالاً عليها».

وذكرت سارة الحوسني أن المشاريع المصنوعة يدوياً تحظى باهتمام خاص، سواء من قبل أفراد المجتمع أو أصحاب المشاريع، كما أنها تتطلب مزيداً من الجهد والوقت والمال، ما يجعل أسعارها مرتفعة مقارنة بمثيلاتها التي تصمم بأجهزة صناعية، وعادة ما يظهر فيها الكثير من العيوب أو لا تلبي شغف الجميع.

التطوير المستمر ضرورة



وحول متطلبات المشاريع الإبداعية، أشارت رائدة الأعمال الشابة إلى أن رأس مال المشروع الإبداعي وخاصة في مجال الخزف يراوح بين 500 و600 ألف درهم، خاصة في العام الأول.

ولفتت إلى أن التطوير المستمر في مشاريع الصناعات الإبداعية مهم وضروري، لذا يتطلب من أصحاب تلك المشاريع أن يطلقوا خدمات أو يطرحوا منتجات جديدة بصورة شهرية حتى لا يمل المستهلك أو الزبون، ذلك إلى جانب دراسة احتياجات السوق وإجراء الاستعدادات اللازمة لتلبية متطلبات أفراد المجتمع.

خطط مستقبلية



وعن خططها المستقبلية، أكدت رائدة الأعمال الشابة سعيها نحو تطوير الاستديو الحالي عبر إطلاق خدمات جديدة والترويج لخدماتها وإبداعاتها عبر مختلف منصات التواصل الاجتماعي، مشيرة إلى صناعة الفخار تعد من الصناعات القديمة التي صمدت عبر مرور آلاف السنين في الإمارات، وكان صُنّاع الفخار الأوائل يصنعون الأواني الفخارية، والمباخر والمزهريات والمدافئ وأوعية شرب الماء وتخزين الطعام.

وأضافت: «إن طموحي لا يتوقف عند حد تطوير مشروعي الحالي، بل التوسع أفقياً عبر افتتاح أفرع أخرى لاستديو خزف على مستوى الدولة، علماً أن أهدافي تتضمن توزيع منتجاتي على الأسواق المحلية والعالمية».

مراحل التصميم



وتتبع رائدة الأعمال الإماراتية والمصممة الشابة مجموعة من المراحل من أجل تصميم القطع الخزفية، تبدأ بوزن الطين قبل مرحلة الحرق الأول في فرن الفخار، وتهدف تلك المرحلة التي تمتد من 3 أيام إلى أسبوع من أجل تجفيف القطعة من الماء بصورة كاملة، ثم ننقله إلى فرن آخر للفخار لمدة 12 ساعة متواصلة للحصول على الشكل الخزفي المعروف بـ«البيسك».

وقالت سارة الحوسني إن تصميم الأكواب عادة ما تستهلك نحو 500 غرام من الطين، وبعد عرضها للحرق والحرارة العالية في فرن الفخار المخصص لذلك، تأتي مرحلة التلوين والتي تعمل كعازل من عوامل البيئة والرطوبة وحرارة الأطعمة والمشروبات التي توضع بداخلها، بينما المرحلة الأخيرة التي تلي مرحلة التلوين، فيتم من خلالها تعريض الكوب مجدداً للحرارة العالية في الفرن من أجل تجهيزه للاستخدام.