الأربعاء - 08 مايو 2024
الأربعاء - 08 مايو 2024

سكَتت دهراً.. ونطقت كفراً

أصبحت الشرعية كلمة سيئة السمعة لأنها كلمة حق يراد بها باطل، وقد أسرف العرب على أنفسهم في استخدامها حتى أضحت بلا معنى بل صار لها معنى يثير الضحك والسخرية.

ولست أدري إن كان ما نسب إلى السفير حسام زكي الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية من تصريحات صحيحاً أم تم اجتزاؤه، ليوافق هوى لدى بعض النفوس وهو ما اعتدناه، فقد نسب إليه أنه قال: «إن التدخل التركي في ليبيا شرعي لأنه جاء باتفاق مع الحكومة الشرعية أي حكومة الوفاق، وأنه يشبه التدخل الروسي والإيراني في سوريا، لأنه جاء باتفاق مع الحكومة الشرعية»، والحق أن الشرعية الدولية مصطلح مطاط يُفصله الأقوياء على مقاسهم ليرتديه الضعفاء ولو لم يكن.

إن الأمم المتحدة التي أعطت الشرعية للحكومة اليمنية ونزعتها عن الحوثيين هي نفسها التي ترعى التفاوض بين الشرعي وغير الشرعي وتعترف ضمناً وعلناً بالكيان الحوثي غير الشرعي.


وأما في ليبيا فلا توجد أي شرعية الآن، فحكومة السراج انتهت مدتها القانونية المحددة في اتفاق الصخيرات وكذلك مجلس النواب الليبي، واتفاق حكومة السراج وتركيا كان خارج الشرعية، وإن تبرير التدخل التركي في ليبيا بالشرعية تبرير العاجز الذي لا حيلة له، وأعني بالعاجز الجامعة العربية التي هي نفسها أعطت غطاء شرعياً لتدخل قوات الناتو في ليبيا لإسقاط الراحل معمر القذافي.


إن الشرعية التي يراها ما يسمى بالمجتمع الدولي والتي يطبقها على العرب فقط، هي شرعية القوة وبقاء الوضع على ما هو عليه بلا غالب ولا مغلوب، حتى يقبل المتصارعون المُنهكون ما يملى عليهم ويسقط العصفور المترنح في حجر القوى الدولية والإقليمية.

وهو ما حدث في العراق، وسنصل إلى النتيجة ذاتها في ليبيا وسوريا واليمن لا غالب ولا مغلوب، وكل هذا وجامعة الدول العربية لا أحد يتذكرها أو يعيرها التفاتاً أو يهتم بموقفها من أي قضية.

فببساطة لأن كل عضو من أعضائها المتناحرين أقوى منها، وبعد كل هذا العبث تطل علينا عبر أمينها المساعد ليتحدث عن شرعية التدخل الأجنبي الإقليمي والدولي في الشأن الداخلي العربي!

والمضحك والمثير للسخرية أن العرب يرفضون دوماً تدخل العرب في شؤونهم الداخلية، بينما يقبلون تدخل الأجنبي في ملابسهم الداخلية! فلتعد الجامعة العربية إلى صمتها لأنها عندما تحدثت نطقت كفراً بعد أن سكتت دهراً!!