الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

جائحة المفاهيم البشرية

الدهشة والصعوبات تتلاطم في دواخل جيل الألفية الثالثة، الصدمة والغضب يفجعان الوجدان، فلسفة الحزن تسطير على الجميع هذه الأيام، بجوائح أعظم من فيروس كورونا، كجائحة العنصرية التي رفضها الجميع جملة وتفصيلاً، في محاولة لتقديم فلسفة المساواة في الحياة، التي وجب أن تبتعد قدر الإمكان عن تجريدات المفاهيم الفكرية المنكفئة والمنظومات المغلقة التي تؤدي التطرف للعنصر.

العنصرية هي موقف فكري وسلوك اجتماعي ترفضه الفطرة السليمة، وعلى الرغم من مناصرة الاتجاه العام للحضارة الغربية للعدل والمساواة والإنسانية في كل مكان، إلا أن التدقيق يكشف عن وجود بذور التأسيس الثقافي لفلسفة التمييز العنصري في كتابات بعض فلاسفة التنوير الأوروبي، ممن فهموا الحياة بأنها صراع أجناس متحضرة ضد أجناس متخلفة، ولم يستوعبوا الطبيعة التعددية للحضارة البشرية.

فتغافلوا عن مفهوم التنوع كعامل جذب مفتوح بلا نهاية، مع توجيهات فكرية تجعل التقديس قادراً على بذل جهد لفهم الحرية والعطاء والمساواة وتجاوز الذات، فتسمح هذه المقاربات التحويلية للبشر بمهاجمة المشكلات المنظمة للهجوم على الحريات المدنية، التي مكّنت عدم المساواة العرقية من أن يستمر في الولايات المتحدة بالتحديد، وهذا ما استوجب مواجهة تحدي الشعب للعنف الممنهج ضد فئة معينة من المجتمع، بازدراء إنسانيتهم.


لكن، اليوم، اختار شباب الولايات المتحدة مواجهة الحقيقة بحق دستوري قوي ضد البشاعة، بحيث رفع البيض قبل السود شعار مسألة «حياة السود» هذه هي المفارقة، التي كان يمكن أن تجنب الظروف التي أدت إلى مقتل جورج فلويد بدم بارد تحت ركبة شرطي عنصري، وآلاف المواطنين الآخرين على مر السنين.


وبدلاً من ذلك، كان صانعو السياسات يلومون السود دائماً على عدم الاستقرار، متجاهلين تراكم قرون من القمع، لقد اتبعوا مساراً سياسياً مضللاً فشل في الحفاظ على المجتمعات الملونة آمنة لأكثر من 50 عاماً، لذا هب الشعب الأمريكي بأكمله، وتدفقت شعوب الكرة الأرضية مناصرة في كل قاراتها، بالقول: لا يمكننا ترك التاريخ يعيد نفسه.

إن نظرية الانتقاء الطبيعي ومنهجية التمييز العنصري التي مهدت الطريق لظهور ميول عنصرية عالمية مثل الفاشية والنازية، والصهيونية، التي أشعلت الحروب العالمية، والصراعات الإقليمية لاستغلال الضعفاء حول العالم، لم يعد لها مجال للبقاء، لأن أجيال المستقبل لا تُميّز الآخر إلا بالفضائل واليقين بأن التنوع هو القوة، وبأن العطاء قدوة.